فريد زكريا رئيس تحرير النيوزويك الدولية ترجمة : مى فهيم يبدو أن فيصل شاهزاد - الإرهابي المشتبه به في تفجيرات ميدان التايمز - قد سلك طريقا مألوفا، مثله مثل غيره من المجندين في الجهاد ينتمي شاهزاد إلي الطبقة العاملة وهو متعلم وبعد ذلك حدث شيء ما جعله يتحول إلي التطرف.. فنحن بالطبع لا نعرف ما الذي جعله يريد قتل أناس أبرياء رجالاًَ ونساء وأطفالاً ولكن في واقع الأمر هناك قاسم مشترك بينه وبين سابقيه ألا وهو العلاقة مع باكستان. وتقدر الحكومة البريطانية أن 70% من المخططات الإرهابية التي كشفت عنها في العقد الماضي تعود إلي باكستان. فلا تزال باكستان تمثل الملاذ الآمن للإرهاب حتي مع فقد الجهادية التأييد في أي مكان في العالم الاسلامي من مصر الي الاردن الي ماليزيا واندونيسيا فإن الجماعات الإسلامية الراديكالية قد أصابها الضعف عسكريا كما فقدت الكثير من الدعم علي المستوي السياسي. لماذا لم يحدث هذا في باكستان؟ والإجابة ببساطة لان الحكومة الباكستانية قد ساعدت بدورها الجماعات الجهادية وقدمت لها التشجيع وهو ما ساعد علي تهيئة الأجواء المواتية التي مكنت الجماعات الإرهابية من الازدهار والتنامي. وعلي مدار السنوات الأخيرة الماضية شهدت تلك الجماعات تراجعا جزئيا ولكن يبدو أن جذورها عميقة . وتعد باكستان بمثابة سوق للإرهاب فهناك عشرات من المنظمات الجهادية مثل جيش محمد وعسكر طيبة وتنظيم القاعدة وشبكة جلال الدين وسراج حقاني وغيرها من أسماء المنظمات التي تعج بها القائمة.ولا يبدو أن هذه الجماعات تواجه أي مشكلة في التسليح أو التمويل. ويوضح حسين حقاني سفير باكستان في واشنطن في كتابه - في"باكستان: بين المسجد والجيش" كيف أن الصلات بين الجهاديين والحكومة ترجع إلي تكوين الدولة باعتبارها دولة إسلامية فضلا عن قرار الحكومات المتوالية لاستخدام الجهاد من أجل كسب الدعم المحلي و الإضرار بخصمها اللدود الهند. ويري أن "الازدواجية هي مشكلة هيكلية تمتد جذورها عبر التاريخ والسياسة المستمرة في البلاد، فهي ليست مجرد نتائج لسياسات اتخذتها بعض الحكومات" والأمر الذي يدعو للأسف هو أن الحكومة التي يمثلها لا تملك سوي القليل من القوي. وخلال الأشهر الماضية اتخذت الحكومة الباكستانية والجيش إجراءات صارمة عن ذي قبل ضد الإرهابيين وعانت القوات الباكستانية طويلا جراء ذلك. ولكن لا يزال القادة يضعون خطوطاً فارقة بين الإرهابيين فالجماعات الإرهابية التي تهدد الشعب الباكستاني يلاحقها الجيش الباكستاني اما الجماعات الاخري التي تهاجم الأفغان والهنود والغرب فقط يتركون وشأنهم. وأشار فيصل شاهزاد إلي أنه تلقي تدريبه علي يد القبائل أثناء زيارته لباكستان في منطقة شمالي وزيرستان حيت تقطنها الجماعات الإرهابية التي تهاجم الأفغان والهنود والغربيين، فعلي الرغم من قيام القادة الجيش الباكستاني بمحاربة جنوب وزيرستان التي تعد ملاذا آمناً للجماعات التي تشن هجوما داخل باكستان إلا أن القادة رفضوا من جانبهم مهاجمة شمال وزيرستان. ولدي القوات الجيش الباكستاني دائما سبب قهري في ان الوقت المناسب للذهاب لمهاجمة الشمال لم يحن بعد.ومن جانبه أشار الصحفي الباكستاني أحمد رشيد - خبير في شئون التمرد في أفغانستان - إلي أن باكستان لا يزال لها نفوذها مع حركة طالبان الأفغانية وهو ما تستخدمه لإجبار حكومة كابول علي الإذعان لأوامرها بدلا من أن تلعب دور وسيط السلام بين طالبان والحكومة الأفغانية. وإلي أن يتخذ الجيش الباكستاني نظرة متأنية لمصالح البلاد تهتم بتنمية المصالح الاقتصادية بدلا من الألاعيب الاستراتيجية ضد أفغانستان والهند فالاهتمام بالمصالح الاقتصادية هو ما يعد مفتاح الأمن الباكستاني، وحتي ذلك الحين فسيستمر الإرهابيون في اعتبار باكستان مكاناً مثاليا للتسوق. وعلي مدار السنوات أضفت الحكومات الشرعية علي تعزيز الأيديولوجية الدينية وهو ما يجعل البلاد ملاذا للمسلحين والاصولين والجهاديين. وليس من السهل علي باكستان أن تتغلب علي ماضيها في الجهاد.