شعبة الدواجن: ننتج 4 ملايين كتكوت و40 مليون بيضة يوميا    أخبار مصر اليوم.. «الصحة» تطلق خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية ..رئيس سنغافورة يزور مصر ويلتقي السيسي ومدبولي والطيب وتواضروس    السيدة انتصار السيسي تشكر ملكة إسبانيا بعد إهدائها وسام إيزابيل لاكاتوليكا    وكيل جهاز المخابرات السابق: مصر تعاملت مع اجتياز حماس للحدود في 2008 بشكل حضاري    أموريم: نحتاج لتفادي الأخطاء.. وصدام تشيلسي يختلف عن أي مواجهة أخرى    مصر على موعد مع الكاميرون في النهائي الأفريقي لشباب الطائرة    معهد علوم البحار: اضطرابات البحر المتوسط طبيعية موسمية.. والالتزام بالتحذيرات ضروري للسلامة    فرقة الأنامل الصغيرة تفتتح الدورة الأولى لمهرجان بورسعيد السينمائي    شيرين عبد الوهاب تنفي إحياء حفل مع فضل شاكر في دبي    رواية شباك المنور لفاطمة الشرنوبي.. الغياب يروي مأساة فتاة    وكيل صحة شمال سيناء يوقع خصما من مستحقات شركة النظافة خلال جولة بمستشفى الشيخ زويد    غرق شاب في بوغاز رشيد وجهود مكثفة لانتشال جثمانه بكفر الشيخ    "شينخوا" تكشف تفاصيل الاتصال الهاتفي بين الرئيسين الصيني والأمريكي    رئيس جامعة الإسكندرية يبحث مع قنصل السعودية تعزيز التعاون الأكاديمي والثقافي    رئيس جامعة الأزهر: نسعى لتخريج جيل متميز في شتى مجالات العلوم    القاهرة الإخبارية: نتنياهو أمر الجيش بهدم مدينة غزة حتى جذورها    وزير المالية الألماني: برلين تتابع أزمة الديون الفرنسية بقلق    وزارة الصحة تطلق خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية بالتعاون مع التعليم والأزهر الشريف    قصف على مسجد في الفاشر يودي بحياة أكثر من 70 مدنيًا وسط استمرار الحصار    دمج ذوي الهمم في بطولة الشركات لأول مرة    ضبط 10 تجار سجائر بالغربية يقومون بالبيع بأزيد من التسعيرة الرسمية    موعد صلاة المغرب.. ودعاء عند ختم الصلاة    5 أعراض تكشف عن وجود مشكلات في النظر    وزير الدفاع الإسرائيلي ل زعيم الحوثيين: سيأتي دورك    خلل صادم في كاميرا آيفون 17 يثير الجدل.. والشركة تكشف سر الصور المشوّهة    لم يُنزّل من السماء كتاب أهدى منه.. إمام المسجد النبوي: القرآن أعظم الكتب وأكملها    تقرير برتغالي: فيتوريا قد يعود لمصر من بوابة الأهلي    محافظ أسوان: غرامة 50 ألف جنيه لمُنتهكي حرم الطريق بالحواجز الحديدية أو «الإستندات»    أطباء الجيزة تكرم استشاري تخدير شهير باحتفالية «يوم الطبيب 2025»    صورة جديدة للزعيم عادل إمام تشعل السوشيال ميديا    أميرة أديب تطلق أغنية "أحمد" من ألبومها الجديد    هل فكرت عائشة بن أحمد في اعتزال التمثيل؟.. الفنانة تجيب    نتنياهو: نوجه لحماس ضربات قوية ولن نتوقف    اليوم.. استئناف الجولة الخامسة بدوري المحترفين    خطيب المسجد الحرام يدعو للتحصّن بالقرآن والسنة: قول لا إله إلا الله مفتاح الجنة    بالصور - جامعة أسوان تُكرم 200 حافظًا للقرآن الكريم في احتفالية روحانية    افتتاح مسجدين جديدين بسيدي سالم والحامول في كفر الشيخ    بدء اجتماعات مصرية كورية لإنشاء مركز محاكاة متكامل للتدريب وإدارة المخلفات    محافظ البحيرة تشهد إيقاد الشعلة إيذاناً ببدء إحتفالات العيد القومي    مديرية أمن الشرقية تنظم حملة للتبرع بالدم لصالح المرضى    الداخلية تضبط عنصرًا جنائيًا بالمنوفية غسل 12 مليون جنيه من نشاط الهجرة غير الشرعية    تعليم القاهرة: انتهاء كافة الترتيبات لاستقبال 2.596.355 طالبا وطالبة بالعام الدراسي الجديد 2025- 2026    ارتفاع عالمي جديد.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-9-2025 وعيار 21 بالمصنعية الآن    الأنبا مكسيموس يترأس مؤتمر خدام إيبارشية بنها    تعرف على رابط إعلان نتائج تنسيق الشهادات المعادلة العربية والأجنبية    مجدي عبدالغني: لن أترشح لانتخابات الأهلي أمام الخطيب    الداخلية: ضبط 98665 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    الداخلية توضح حقيقة فيديو ادعاء اختطاف طفل بالقاهرة: مجرد تصادم بين سيارتين    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفيات كفر الشيخ ويوجه بإصلاحات عاجلة    تشجيعاً لممارسة الرياضة.. نائب محافظ سوهاج يُطلق ماراثون "دراجو سوهاج" بمشاركة 200 شاب وفتاة    أسعار المستلزمات المدرسية في قنا 2025: الكراسات واللانش بوكس تتصدر قائمة احتياجات الطلاب    "نور بين الجمعتين" كيف تستثمر يوم الجمعة بقراءة سورة الكهف والأدعية المباركة؟    خدعة كاميرات المراقبة.. أبرز حيل سرقة الأسورة الذهبية من داخل المتحف    وظائف الأزهر الشريف 2025 .. فتح باب التقديم لوظائف معلم مساعد ب9 آلاف فرصة    «دينا عيب إحنا في برنامج».. كوميديا عمرو يوسف ودينا الشربيني في حلقة «منى الشاذلي»    زلزال بقوة 7.8 درجة يهز منطقة كامتشاتكا الروسية    أسعار الدولار في البنوك المصرية اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    رحيل أحمد سامى وخصم 10%من عقود اللاعبين وإيقاف المستحقات فى الاتحاد السكندري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكذب هو القبلة التي نتبادلها..

الفن يجعل الآخرين يحسون بما نحس، يعمل علي تحريرهم من ذواتهم نفسها، عارضا عليهم شخصيتهم كمحرر خاص. ما أحسه، في الجوهر الحقيقي الذي أحس به، غير قابل للتواصل أو التوصيل بصفة مطلقة. وكلما ازداد عمق ما أحسه ازدادت لا تواصليته. لكي أنقل إذن ما أحسه إلي الآخر، علي أن أترجم أحاسيسي إلي لغته، أي أن أقول أشياء معينة كما لو كانت هي ما أحسه، بحيث عندما يقرؤها هو، يحس بالضبط بما أحسسته. ولأن هذا الآخر، وفق فرضية الفن، ليس هذا الشخص أو ذاك، وإنما العالم كله، أي أنه مشترك مع كل الأشخاص، فإن ما ينبغي أن أفعله في النهاية هو أن أحول أحاسيسي إلي إحساس إنساني نموذجي بالرغم من أنني بذلك أفسد الطبيعة الحقيقية لما أحسسته.
كل ما هو مجرد يصعب فهمه، لأن من العسير شد الانتباه إليه من طرف من يقرؤه. سأقدم لذلك مثالا بسيطا تتجسم فيه التجريدات التي شكلتها. لنفترض، بدافع ما، يمكن أن يكون هو التعب الناجم عن إجراء الحسابات أو القنوط المتولد عن ضرورة القيام بأي عمل، لنفترض أن كآبة مبهمة من الحياة تحل بي فجأة، غما من داخلي يكدرني ويبلبلني. لو لجأت إلي ترجمة هذا الإحساس بعبارات تحيط به عن قرب، لجعلته خاصا بي دون سواي، وهوما يجعلني أبعد عن إيصاله إلي الغير، فمن الأجدر والأيسر الاكتفاء بالإحساس به دون كتابته.
لنفترض مع ذلك، أنني أرغب في إيصال هذا الإحساس إلي آخرين، أي في أن أصنع منه فنا، وإذن فالفن هو التواصل مع آخرين بالتطابق الحميم معهم، وإنني لأتساءل متحريا أي إحساس إنساني عامي يملك لون ونمط وشكل ذلك الانفعال الذي أحسه الآن، لأسباب لا إنسانية وخاصة متمثلة في كوني رجل حسابات متعبا ولشبونيا، من لشبونة، مفعما ضجرا. وأنا متأكد من أن النمط الشعوري العامي الذي يولد، في الروح العامية، وهذا الاحساس هو الحنين إلي الطفولة المفقودة.
أملك مفتاح باب موضوعي. أكتب وأبكي طفولتي المفقودة أتوقف بتأثر عند تفاصيل أشخاص وأثاث المنزل الريفي، ابتعث سعادة خلوي من أي حقوق أو واجبات، سعادة كوني حرا لعدم معرفتي كيف أفكر أو أحس. وهذا الاستحضار، إن كان مصنوعا جيدا كنثر وكرؤي، سيبتعث في قارئي بالضبط نفس الشعور الذي أحسسته، والذي لا علاقة له بطفولتي.
أو كذبت ؟ لا، لم افهم ذلك أن الكذب، باستثناء الطفولي والعفوي منه، والذي يولد من الرغبة في ديمومة الحلم، هوفقط تصور الغير للوجود الواقعي وهو الحاجة إلي خلق الانسجام بين ذلك الوجود ووجودنا نحن . الكذب ببساطة هو اللغة المثالية للروح. إذ، كما أننا نستعمل كلمات هي عبارة عن أصوات ملفوظة بطريقة لا معقولة، لكي نترجم الي لغة واقعية أشد حركات الإحساس والتفكير حميمية ودقة، مما لا تستطيع الكلمات ترجمته بالقوة، كذلك نستعمل الكذب والخيال ليفهم بعضنا بعضا وهو ما لا يمكن ان يتحقق أبدا في الواقع.
الفن يكذب لأنه اجتماعي، فقط ثمة شكلان كبيران للفن: واحد يتجه إلي روحنا العميقة، والثاني يتجه إلي روحنا اليقظة، الأول هو الشعر، والثاني هو الرواية. الأول يقترف الكذب في صميم بنيته، والثاني يبدأ بالكذب في صميم اليقظة. أحدهما يسعي الي منحنا الحقيقة عبر خطوط منوعة التسطير، تكذب علي تلازم الكلام، والآخر يسعي علي تقديم الحقيقة بواسطة واقع نعرف أنه لن يوجد قط.
الخداع نوع من الحب، بل هو الحب نفسه. لم أر قط ابتسامة ناعمة أو نظرة دالة بدون أن أفكر، فجأة، بصرف النظر عن صاحب الابتسامة أو النظرة، خلف عمق الروح الباسمة او الناظرة، في الصيرفي الذي يريد شراءنا أو المومس التي ترغب في أن نقتنيها. لكن الصيرفي الذي يشترينا قد أحب، علي الأقل، شراءنا، والمومس، التي سنشتريها، قد أحبت علي الأقل، شراءنا إياها. لا مهرب، لنا، مهما أردنا، من الأخوة الكونية. جميعنا نحب بعضنا البعض. والكذب هو القبلة التي نتبادلها.
---------------
هذا مقطع كبير من " كتاب اللاطمأنينة " لشاعر البرتغال الأول في القرن العشرين فرناندو بيسوا 1888 -1935 وهو كتاب كما يقول عنه مترجمه إلي العربية الشاعر المغربي الكبير المهدي أخريف، كتاب رغم طبيعته غير الشعرية في قلب أثر بيسوا الأدبي تتكشف من خلاله أصالة إبداع ذي أهمية كونية فريدة .لقد ظهر الكتاب في طبعته البرتغالية لأول مرة عام 1982 أي بعد سبعة وأربعين سنة من وفاة الشاعر العظيم، وأسباب ذلك يعرفها من يقرأ الكتاب، والكتاب من إصدارات مشروع الترجمة للمجلس الأعلي للثقافة لمن يريد. والقطعة كلها تلخيص عبقري لمعني الأدب وتاريخ كتابتها 1932/12/1 وعنوانها الأصلي في الكتاب "لغة الروح المثالية" ولكنني غيرت عنوانها إلي جملتها الأخيرة تمشيا مع أحوالنا والحمد لله. رغم أنه لم يقصد بالكذب أي معني سيئ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.