مؤخرا قمت بمغامرة، هي من الصعب بل من الأصعب في حياتي، حيث تركت سيارتي الأصيلة، والتي أعتبرها خير رفيق قبل وبعد الطريق، وليس عيبا بها إنها "مخبوطة" ، بل العيب في المطبات الاصطناعية.. قطاع خاص التي أقامها أحد ملاك المنازل أمام بيته بالضبط علي أرض وأسفلت حكومي، ولكن نسي أن يوصل لها الكهرباء والغاز حتي ينيرها من فوقها ومن جنبها، وبالتالي نجح المالك بحيلته الذكية في اصطيادي.. طيب وانتو هاتستعجبوا ليه.. ما عنترة بن شداد بجلالة قدره وقع في الشباك المنصوبة له بين النخل العالي.. ولست أكثر قوة ولا أبعد نظرا، ولا أشد فراسة من عنترة، اللي كان في عجلة من أمره ليقابل (المُزّة) عبلة.. المهم أنني بعد أن وفقني المولي عز وجل في العثور علي " ركنة " بجوار إحدي الخرابات، التي يسيطر عليها سايس شكله "يخض" .. شرعت في ركوب هذا الشيطان الرجيم. المارد الذي دخل البلاد بدون " إحم ولا دستور" ، المسمي" توك.. توك"، وأصارحكم أن أحلي ما فيه هو اسمه.. حاجة فيها ايقاع كده.. ويتماشي مع روشنة الشباب ولغة هذا الزمان.. والذي دخل البلاد، ليسترزق منه بعض العباد من المتعطلين عن العمل.. وبعضهم لسه في رابعة ابتدائي، ولكن سربعته علي تخطي طابور البطالة وكونه من هواة المتعة والإثارة.. وأي متعة وإثارة هذه المتحققة في قيادة التوك توك بطريقة تجعل صرخات النساء والأطفال عالية في السما، وكأنك في الملاهي ياباشا ، وعلي الرغم من أن الدولة حصلت عنه الرسوم والذي منه ،إلا أنها تذكرت فجأة خطره الدائم، الداهم، بعد تسببه في بعض "البلاوي" فكان القرار بحصاره والسيطرة عليه، قبل أن يخرج من "القمقم" ونقول ياريت اللي جري ماكان! وهذا حق أصيل للحكومة.. أي حكومة.. واحد يسألني : وإيه المغامرة في كده ياباشمهندس؟ أقولك .. قصدي أقوله.. أنا عشت طول عمري ملتزم بركوب الأربع عجلات، وفي الدراجات الهوائية والبخارية كنت أشترط أن أعد عجلها من واحد إلي ثلاثة، ولم أركب دراجة بخارية في حياتي، إلا مرة واحدة خلف الأسطي محروس، وهو كان بينجز شغلانة في منزلنا، واشترط أن أصاحبه في شراء لوازم النحتاية، وقد امتلأت رعباً في هذا "المشوار"، خاصة حينما يقرر الأسطي محروس فجأة الانحراف معذرة عن الكلمة الوحشة دي يميناً، أو يساراً.. كان قلبي بينخلع مع تلامس ركبتي اليمني أو الشمال ، بحسب اتجاه الانحراف، للأرض، وكنت أقول لنفسي إننا " اتبعترنا" خلاص، وأن الناس الطيبين، سوف يلملمون أطرافنا من فوق الأسفلت الساخن، وكانت فعلا سخونة الأسفلت من الأشياء التي كانت تقلقني؛ خاصة مع تطاير فردتي الصندل الذي كنت أحتمي بهما.. كنت أكتشف سخونة الأسفلت من تلامس ركبتي بالأرض، وكنت أتساءل في كل مرة.. لماذا لا يشعر الأسطي محروس بما أشعر به، حيث كنت أجد علامات الهدوء التام علي وجهه، ويديه الثابتتين علي مسطرة القيادة.. ثم إنه كان يستعيد السيطرة علي الموتوسيكل، الذي كان يطلق عليه " المكنة " بسرعة وبسهولة يحسد عليها.. الشيء الذي كان مصدر إزعاج وتهديد دائمين لي، إنه كان كثيف البصق الذي كان يتطاير مع الهواء الذي يخلفه اندفاع المكنة كمروحية أرضية. وكان في تخطيطي وأنا صغير فترة المراهقة - أن أسعي لامتلاك " فيسبا"، وهي الدراجة النارية الأخف، ولكن بعد مشواري مع الأسطي محروس، توقفت عن هذه المغامرة غير المحسوبة .. هذا الشريط من الذاكرة،دار وعاد إلي حيث مقدمة الشعور، وأنا أقدم علي هذه المخاطرة الجديدة منتظرا دوري في ركوب "التوك توك" ، علي الرغم من أنني شايف بعيني رأسي أنه بثلاث عجلات.. ولكني صممت علي خوض المغامرة، وكان منطقي في ذلك أن الأشياء في بلدي تتطور، علي قدر تطور الصين التي غزت الأسواق بشكل مقلق، فأصبحنا نحمل الموبايل الصيني، ونصلي علي السجادة الصينية، ونكتب بقلم أو "ماوس" صيني.. ثم مؤخرا نمتطي التوك توك الصيني.. والله أعلم فيه إيه تاني صيني..أنا أعرف بس مش هاقدر أقول! وإلي الأسبوع القادم لنستكمل بقية المغامرة...