"كنا زمان نقول إن المبدع لا يحتاج إلي صك اعتراف من ناقد معين، كأن تكون هناك قراءة نقدية مرافقة للعمل الأدبي الأول، لكني الآن ومع وجود حالة زخم في الإبداع، أجد أن القراءات النقدية مفيدة للكاتب وللقارئ"، هكذا تحدث القاص محمد عبد النبي عن قراءة الدكتور خيري دومة النقدية المنشورة برفقة المجموعة القصصية الأولي لأسماء عواد بعنوان "صباح يأتي لك"، التي ناقشتها دار "وعد" في ندوة مساء الثلاثاء الماضي. سجل عبد النبي اختلافه مع مفهوم الدكتور خيري دومة عن الحكاية قائلا: "قصص أسماء عواد لا تنطلق من حكاية مكتملة الأركان، ولكنها تعتمد فيها علي حالة البوح والتداعي، حيث تنتقل المؤلفة من السرد المحبوك إلي فضاء من البوح الفصيح، الذي يعرج علي مشاعر الراوية وتفاصيلها، وهذه الطريقة من الحكي مفيدة في حالة الكتابة الأولي، لأنها تمنح الكاتب حرية اكتشاف وتحديد أدواته الفنية ووضع أطر جديدة لنفسه بعيدا عن تلك الموضوعة والمعدة سلفا أو المستهلكة". وتابع عبد النبي: اعتماد السرد علي البوح والتداعي له سلبياته، لأنه يقطع الطريق علي اشتباك القارئ مع العالم الذي يقدمه النص، حيث تقل عناصر التشويق والإثارة والجذب، كما أنه كثيرا ما يحدث تشابه في نبرة الراوي بين كل قصة وأخري، ولأن العمل الأول دائما يكون مجالا لإخراج الطاقة السلبية الموجودة لدي الكاتب، فإن طاقة أسماء السلبية قد خرجت في تيمات الوحدة والوحشة والبحث عن آخر حقيقي أو متخيل، والتشبث بالأشياء الخاصة وخلق علاقة ما بالطبيعة أو بعنصر منها، وما أتمناه هو أن تظل الكاتبة محتفظة بنفس القدر من الحيوية والانطلاق. وقالت الناقدة الدكتورة عبير سلامة: تستعيض الكاتبة عن الفعل كالزواج أو الطلاق أو الهجر أو غيرها بالتعبير بالإحساس، وتعرض في المجموعة للارتباك الذي يحدث للناس الذين ينتقلون من سكني النهر إلي سكي الصحراء. وانتقدت سلامة الأخطاء اللغوية والطباعية المنتشرة في المجموعة ووصفت المجموعة القصصية بأنها "قصيدة سرد" قائلة: عبارات القصص فيها غموض، والمجموعة كلها مليئة بطاقة شجن وحزن شديدين، والساردة تتوحد مع كائنات كثيرة ومختلفة مما يعكس إحساسا بالنقص والقيد، لذلك يعد الشوق في المجموعة هو شوق إلي الاكتمال. ومن ناحيته اعتبر الناقد سيد الوكيل أن المجموعة فيها خبرة كتابة سابقة قائلا: تعكس قصص المجموعة مظاهر البراءة والطزاجة و"الفذلكة" الخاصة بالكتابة الأولي، والمكان فيها لا يقدم ككيان منفصل عن الذات، وانتقد عناوين القصص بما تحويه من مباشرة، ونصح المؤلفة باحترام ذكاء القارئ، وأشار إلي أهمية توظيف المعلومات في السرد، واقترح تنظيم دار "وعد" للقاء أسبوعي بين كتاب القصة القصيرة.