في الاقصر.. وكل موقع أثري سواء بأدفو اوكوم امبو أواسنا اودندرة وأبيدوس يوجد مجموعة من الرجال مثل الجنود المجهولين لايشعر احد بمدي المهمة الملقاة علي عاتقهم في الحفاظ علي تراث هذا الوطن انهم مرممو الآثار الذين لايعرف قدرهم سوي علماء المصريات في العالم بعد ان اصبحوا خبراء في هذا المجال بدون دراسة او تدريب واعتمدوا علي تنمية هوايتهم في اعادة رونق كل ماهو أثري ليكتسبوا خبرة جعلتهم «عملة نادرة». هؤلاء المرممون الذين يصل عددهم ل 1000 مرمم يعيشون في واقع مهني مرير في ظل المشقة البالغة لعملهم وضآلة رواتبهم وانعدام بدلات المخاطر خاصة مع اصرار المجلس الاعلي للأثار علي عدم التعاقد معهم بصورة دائمة بالرغم من مساهمتهم في إنقاذ العديد من القطع الاثرية النادرة ومنها أعمدة صالة رمسيس الثاني بالكرنك ومقصورة حتشبسوت في القرنة، و تنفيذهم لأكبر مشروع لترميم معابد مدينة هابو وأبو سمبل وكوم أمبو وادفو بأسوان ودندرة بقنا. «روز اليوسف» تجولت بين المواقع الاثرية بالاقصر والتقت بالمرممين الذين تحدثوا عن معاناتهم وطالبوا بعدم ذكر اسمائهم. يقول أحد المرممين انهم يتعرضون للعديد من المخاطر نتيجة استخدامهم لمواد ذات تركيبات كيميائية خطرة في عملهم الذي يتم غالباً في مقابر بباطن الأرض لم يسبق فتحها فضلا عن تسلقهم للجدران والأعمدة الشاهقة في المعابد لترميم النقوش وتقوية الرسوم والألوان. ويضيف مرمم آخر قائلا انه قضي 15عاماً في العمل بهذه المهنه في المجلس الأعلي للآثار وبالرغم من ذلك لايزال يعمل بنظام الأجر نظير العمل والذي لا يعطي للعمال اية حقوق سواء في الاجازات او المكافآت او البدلات. ويشير احد المرممين الي انهم فوجئوا في الاونه الاخيرة بالمجلس يعلن عن حاجته لشغل 5 آلاف وظيفة أمن للعمل بنظام التعاقد المباشر في الوقت الذي تم تجاهلهم مما دفع بعضهم من خريجي اقسام الاثار بكليات الاداب للتقدم لشغل هذه الوظيفة التي لا تتناسب مع مؤهلاتهم لكي يشعرون بالاستقرار. وأوضح ان من بين المرممين عدداً كبيراً من الحاصلين علي الماجستير والذين اشتركوا في أعمال الحفاظ علي التراث ومنها ترميم آثار شارع المعز وقصر محمد علي وبالرغم من ذلك يرفض المجلس تعينيهم بعقود دائمة مشيراً الي ان اجر المرمم يتراوح بين 6 إلي 8 جنيهات في اليوم مما يؤدي الي عجزهم عن الوفاء بالتزاماتهم والانفاق علي اسرهم. فيما اكد الدكتور صبري عبدالعزيز رئيس قطاع الآثار بالاقصر أن المرممين هم الحراس الحقيقيون للآثار خاصة وان حرفتهم هي المحافظة علي التاريخ في ظل الخبرة التي اكتسبوها نتيجة لعملهم بحقل الترميم منذ سن مبكرة موضحاً ان دقتهم في معاملة الأثر دفعت كل البعثات الأثرية الأجنبية للاشادة بهم وطلب مشاركتهم في أعمال الحفر والتنقيب. وقال مصطفي وزيري مدير عام منطقة آثار القرنة ذ إن الأقصر بها أكبر مجموعة من خبراء الترميم الذين يستعين بهم المجلس الأعلي للآثار في كل المواقع من جنوب مصر إلي شمالها منذ الخمسينيات، وساهموا في تدريب أجيال من المرممين خاصة ان الترميم لم يصبح علماً يدرس بالمعاهد والكليات إلا خلال السنوات الاخيرة. وأضاف "وزيري" انه شهد الكثير من إنجازات المرممين ومنها مقبرة «سيتي الأول» التي كانت أسقفها تالفة وتمكنوا من إعادتها إلي أصلها، وكذلك مقبرة «منتومحات» التي كانت شبه منهارة ونجحوا في تجميع وتركيب الآلاف من القطع الأثرية وتثبيتها في أماكنها الأصلية مرة أخري بالاضافه الي مقبرة «باباسا» والذين استطاعوا ان يجمعوا جدرانها.