يقدم الفنان د. محمد شاكر معرضه الجديد في قاعة "بيكاسو" بالزمالك، الذي يحمل الرقم 44 في مسيرته الفنية، تناول فيه الطبيعة برؤية صوفية، وكأنها تتعبد في الخالق، سلط الضوء علي أجزاء معينة من الطبيعة ليصنع منها أبطالا للوحاته، فهو مصور بارع يتقن التعامل مع المشهد ليخضعه لفلسفته ورؤيته الجمالية. وجد الفنان أن "الظلال" سمة مشتركة في جميع لوحات معرضه، وكأنه يأخذ إجازة من النور ليناقش أو يبحث أو يتراجع بعيدا عنه، ليري ما يوجد بهذا الظل، الذي اتضح أنه يحمل من الوعي والفلسفة والحكمة؛ فالظلال عنده ليست ظلال إضاءة، ولكنها ظلال ذات نزعة تصوف، ما يجعلها جزءا من ثقافة الأمكنة، فتبدو الأمكنة وكأنها كائن حي، يتبادل فوقها الضوء والظل متحملين بالقيم، بها حوار بين الموضوع والشكل، اللذين يتبادلان الأدوار في علاقة المكان. الأمكنة في أعمال شاكر ليست أمكنة عادية، فجميعها يمكن أن نرده إلي تفاصيل مكان معين، ورغم ذلك أضفي علي الجزء جلال الكل، فأصبح وكأنه دولة أو وطن أو كوكب، فهو يخرج من التفصيلية إلي مَنْطَقَة الأشياء المنسية التي يعشقها ويصنع منها أبطالا، لذلك فهو يعتبر نفسه كشافًا أو باحثًا داخل التفاصيل والأشياء غير المعروفة أو المنسية، أو التي لا يراها الناس، حيث يقول الفنان "أنا أسلط الضوء علي تلك الأشياء المنسية في موضوعاتي، وأخلق أبطالا من أشياء عادية جدا لا يلتفت إليها الأشخاص». بينما "الخشوع" في عنوان المعرض يأتي كنتاج لحالة التصوف والتأمل في تجربته الفنية، التي اعتبرها منهجه الفني، فهو يقدم الطبيعة برؤية بها الخشوع والزهد وعبقرية الحالة الإيمانية التي يمكن أن تكون في الأمكنة، وكأنها تسبح أو تصلي أو تتأمل، وهذه هي فلسفة معظم لوحاته المعروضة في القاعة. يقول الفنان شاكر عن معرضه: الطبيعة هي "الأستاذ الأعظم"، التي تضم التجريد، التشخيص، التكعيبية، التنقيطية، الوحشية وكل المدارس التي يعتبرها النقاد مدارس فكرية هي في النهاية موجودة في الطبيعة، وهذا ما أكتشفه دائما في التفاصيل، أو الأشياء البسيطة أو المنسية التي تتشكل معها مراجعي الأساسية في تجربتي، سواء في مجال التصوير أو الكولاج أو الأعمال التجميلية والفنون المرتبطة بالعمارة، أو حتي في كتاباتي، فأنا لي تجربة في الكتابة أستطيع خلالها أيضا أن "أنكش" وأداعب الأشياء المنسية والمهملة والتي لم توجد بعد كي أصنع منها أبطالا. يذكر أن الفنان السكندري محمد شاكر عميد كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية سابقا، وفنان صاحب بصمة واضحة في المجتمع السكندري، الذي نشأ فيه، واشتهر بأعماله الجدارية التي زينت شوارع الإسكندرية.