نزوح آلاف الإيرانيين من طهران بعد تصريحات ترامب (صور)    البرنامج النووي الإيراني يٌشعل خلافًا بين ترامب ومديرة الاستخبارات    أسعار الذهب اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025 بعد الهبوط الكبير وعيار 21 الآن بالمصنعية    كم فوائد 100 ألف جنيه في البنك شهريًا 2025 ؟ قائمة أعلى شهادات الادخار الآن    روسيا: هجمات إسرائيل على إيران تدفع العالم لكارثة نووية    تشكيل الوداد المغربي المتوقع أمام مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية 2025    قبل اللغة العربية.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 علمي وأدبي «pdf» كامل    تليفزيون اليوم السابع يرصد عمليات إنقاذ ضحايا عقار السيدة زينب المنهار (فيديو)    تمكين الشباب في عصر التكنولوجيا والثقافة الرقمية على طاولة الأعلى للثقافة، اليوم    حين تتحول إلى فن داخلى .. الصوفية وفن القيادة المؤسسية فى «رحلة مع النفس»    طريقة عمل الحجازية، أسهل تحلية إسكندرانية وبأقل التكاليف    الإيجار القديم.. خالد أبو بكر: طرد المستأجرين بعد 7 سنوات ظلم كبير    هل يعتزم ترامب تمديد الموعد النهائي لبيع "تيك توك" للمرة الثالثة؟    تياجو سيلفا: فلومينينسي استحق أكثر من التعادل ضد دورتموند.. وفخور بما قدمناه    وكيل لاعبين يفجر مفاجآت حول أسباب فشل انتقال زيزو لنادي نيوم السعودي    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأربعاء 18 يونيو 2025    "أدوبي" تطلق تطبيقًا للهواتف لأدوات إنشاء الصور بالذكاء الاصطناعي    أخيرا على "آيفون": "أبل" تحقق حلم المستخدمين بميزة طال انتظارها    مؤتمر إنزاجي: حاولنا التأقلم مع الطقس قبل مواجهة ريال مدريد.. ولاعبو الهلال فاقوا توقعاتي    «رغم إني مبحبش شوبير الكبير».. عصام الحضري: مصطفى عنده شخصية وقريب لقلبي    الرئيس الإماراتي يُعرب لنظيره الإيراني عن تضامن بلاده مع طهران    إمام عاشور يوجه رسالة لجمهور الأهلي بالفيديو    نائب محافظ شمال سيناء يتفقد قرية الطويل بمركز العريش    7 مصابين جراء حريق هائل بشقة سكنية في الإسماعيلية    الجيش الإسرائيلى يحذر سكان مربع 18 وسط العاصمة الإيرانية طهران    «طلع يصلي ويذاكر البيت وقع عليه».. أب ينهار باكيًا بعد فقدان نجله طالب الثانوية تحت أنقاض عقار السيدة زينب    التفاصيل الكاملة لاختبارات القدرات لطلاب الثانوية، الأعلى للجامعات يستحدث إجراءات جديدة، 6 كليات تشترط اجتياز الاختبارات، خطوات التسجيل وموعد التقديم    المستشار محمود فوزي نافيا شائعات وسط البلد: قانون الإيجار القديم يعالج مشكلة مزمنة ولن يُترك أحد بلا مأوى    مينا مسعود: السقا نمبر وان في الأكشن بالنسبة لي مش توم كروز (فيديو)    أطفال الغربية تتوافد لقصر ثقافة الطفل بطنطا للمشاركة في الأنشطة الصيفية    نجوم الزمالك يشعلون حفل زفاف ناصر منسي بالشرقية ورقص الأسطورة يخطف الأنظار (فيديو)    إعلام إسرائيلى: صفارات الإنذار تدوى فى منطقة البحر الميت    إسرائيل تهاجم مصافي النفط في العاصمة الإيرانية طهران    معدن أساسي للوظائف الحيوية.. 7 أطعمة غنية بالماغنسيوم    الكشف المبكر ضروري لتفادي التليف.. ما علامات الكبد الدهني؟    التضامن الاجتماعي: إجراء 2491 عملية قلب مجانية للأولى بالرعاية بالغربية    ضربة موجعة للهلال قبل مواجهة ريال مدريد في كأس العالم للأندية    جاكلين عازر تهنئ الأنبا إيلاريون بمناسبة تجليسه أسقفا لإيبارشية البحيرة    توقف عن تضييع الوقت.. برج الجدي اليوم 18 يونيو    الشيخ أحمد البهى يحذر من شر التريند: قسّم الناس بسبب حب الظهور (فيديو)    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    سعر الفراخ البلدي والبيضاء وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    مسؤول إسرائيلي: ننتظر قرار أمريكا بشأن مساعدتنا فى ضرب إيران    الجبنة والبطيخ.. استشاري يكشف أسوأ العادات الغذائية للمصريين في الصيف    رسميًا.. فتح باب التقديم الإلكتروني للصف الأول الابتدائي الأزهري (رابط التقديم وQR Code)    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    الغرفة التجارية تعرض فرص الاستثمار ببورسعيد على الاتحاد الأوروبى و11 دولة    «الربيع يُخالف جميع التوقعات» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأربعاء    النفط يقفز 4% عند إغلاق تعاملات الثلاثاء بدعم من مخاوف ضربة أمريكية لإيران    العدل يترأس لجنة لاختبار المتقدمين للالتحاق بدورات تدريبية بمركز سقارة    علي الحجار يؤجل طرح ألبومه الجديد.. اعرف السبب    اللواء نصر سالم: الحرب الحديثة تغيرت أدواتها لكن يبقى العقل هو السيد    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    جامعة دمياط تتقدم في تصنيف US News العالمي للعام الثاني على التوالي    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    محافظ الأقصر يوجه بصيانة صالة الألعاب المغطاة بإسنا (صور)    أمين الفتوى يكشف عن شروط صحة وقبول الصلاة: بدونها تكون باطلة (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات عايدة «4»

لم أكف عن زيارتها منذ ذلك اليوم، بسبب وبلا سبب.. دخلت عالمها من أوسع أبوابه، ولا أدري إن كان الشك قد ساورها بخصوص سرقة كراس اليوميات أم لا، لكنني داومت علي البحث، وصار التفتيش في بيت عايدة عن أي شيء، أي دليل علي كذبها أو علي احترافها السرقة بشكل مرضي، هوايتي المفضلة.. لم تتحدث معي عن ضياع كراس اليوميات، ربما خمنت أنني وراء اختفائه، وربما لم تشأ أن تسألني حتي لا أعرف أنها تكتب يومياتها مثل المراهقات.. كانت تحافظ علي صورة المرأة المجربة، بشكل طفولي يجتذب كل من يعرفها، رجالا ونساء، كأنها لا تقصد أن تكون الطفلة المعجزة التي تتمناها سرا، أو كأنها امرأة نسيت أن تنضج.
كان الكراس قديما، يرجع تاريخه لأكثر من سنتين سابقتين علي تاريخ استعارتي له.. اعتبرتها استعارة لأني قررت إعادته واستعارة غيره كلما سنحت الفرصة.. عثرت علي كراسين آخرين فيما بعد، كانا مخفيين بعناية في أماكن مختلفة في غرفة نومها وفي الصالون، علي عكس الكراس الأول الذي وجدته في درج بوفيه مع عدد من أشرطة الكاسيت المهملة والفواتير القديمة.. تركته خصيصا في مكان مكشوف لعل واحدا من الأصحاب يجده ويعرف الحقيقة.. أية حقيقة؟ أسأل نفسي بشئ من الخزي.. قرأت أكثر من كراس ولم أعثر عليها.. تلك الحقيقة، كنت فقط أبرر لنفسي فعل التحول لسارقة مثل عايدة، وقاموس الأخلاق الذي تربيت عليه يتهاوي أمام عيني، مع كل صفحة أتلصص فيها عليها، مع كل كلمة أدعي بعد قراءتها أنها توصلني للحقيقة، تلك التي كان من شأنها أن تبرر ابتعادي عن عايدة التي لم تفلح في الظهور علي السطح رغم محاولاتي المستمرة في الحفر.
والحقيقة هي أن الابتعاد عن عايدة أو تجاهلها لم يكن ممكنا، بل أصبح مستحيلا بعد قراءة الكراس الأول ثم بعد موتها المفاجئ.. صار حضورها في حياتي أكثر طغياناً، حضور مدوخ مثل رائحة القهوة في الصباح الباكر، مستبد مثل مواء قطة تلد. اكتشفت أنني أحبها، صديقتي الكاذبة، السارقة، الأنانية، المدعية.. أحبها لأنها رغم شرورها هشة مثل سنابل القمح، غامضة مثل حقل في الليل.. بعد مرور سنوات علي صداقتنا، لم تعد عايدة صديقتي، لكنها بالرغم من فتوري التدريجي حافظت علي خيط الصداقة مشدودا بيننا، بدأب من يعرف أنني أحب ولا أكره.. أحب وأبتعد لو أردت، لكنني لا أكره.. أصبحت عايدة هي الصديقة التي لم أستطع أن أصادقها، وصاحبني بعد موتها شعور بعدم الاكتمال لم يغادرني حتي اليوم.. وكأن الصداقة لم تكن ممكنة إلا خارج ميثاق الحب.. كنت أحبها وأكره صداقتها، وكلما حاولت تفسير ذلك لنفسي فشلت وتراجعت عن قرار الانفصال النهائي.. كانت قريبة إلي قلبي مثل شخصية في كتاب، أعود إليها لأتأملها وأختنق في حضورها لفرط ما تلاحقني عيوبها وزلاتها المتكررة.
كانت صفحات قليلة من كراس اليوميات تخصني.. تشير إلي مستخدمة اسمي أحياناً، وأحياناً أخري أعرف نفسي رغم غياب الاسم.. تشير إلي حدث عشناه معا.. تتوقف عند حالة أو موقف أو كلمة قلتها.. تعلق عليها.. وفي ذات مرة اسمتني «ماهي» حكت قصة لا تخص أحداً غيري.. عرفت ذلك من التفاصيل الصغيرة التي نثرتها هنا وهناك.. رحت أقرأ القصة وأعيد قراءتها كأنني أراها تتجسد وتنمو وتتحول تحت نظري لفضيحة هائلة.. كأن الكون كله يقرأ يوميات عايدة من وراء كتفي ويعرف أنها تتحدث عني وعن حكايتي.. لم أغفر لها رواية هذا الحدث بالذات، وتصويري بشكل مخالف للحقيقة، لم أغفر لها أنها فضحت نقطة ضعفي، وأن رأيها المكتوب عني وعن قصة زواجي تحديداً كان نقيض رأيها المعلن.
أدركت أنها كانت كاذبة وهي تقول إنني صديقتها الوحيدة، تسرق مني الوقت والاهتمام دون أن يبدو منها ما يدل علي الأنانية أو الخسة، كانت الكلمة الوحيدة التي تلح علي بالي كلما أردت وصف ما كتبته عايدة عني هي كلمة "خسة".. لم أستطع أن أخفي خستها هذه عن زوجي.. أردته أن يعرف حتي يربت علي كتفي ويواسيني.. ثار وقال لا تلتقي بها بعد اليوم.. ثم هدأت ثورته وهز كتفه وانسحب من معركتنا.. لم تكن معركته هو، كانت معركتي أنا مع بدائل أخري تصورت أنها ضرورية لسعادتي.. صداقتي مع عايدة كانت واحدة من تلك البدائل.
كلما تذكرت قراءتي لقصتي من وجهة نظر عايدة، انقبض قلبي وعاودتني الرغبة في البكاء.. كأنها خانتني، كأنها تعمدت إنهاء صداقتنا بقرار فردي، تركتني وحيدة في عزلتي ومضت وحيدة في عدوانها.. تفاصيل صغيرة لا تخص أحدا غيري، حللتها، فصلتها، سخرت منها واحتفظت برأيها الساخر سرا في كراس اليوميات.. حافظت علي سرها وكشفت سري.. لكنني في ثورة الغضب منها ومن نفسي نسيت أن أكرهها. وربما لم أنس، إنما غفلت روحي عن محاسبتها. وقبل أن أقرر الابتعاد عنها نهائياً، قررت هي أن تموت.. رحلت وتركت تلك الغصة.. تلك الكلمات.. تلك النظرة التي لم أستطع تفسيرها.. أكانت نظرة تعاطف وحب أم نظرة تهكم وبغض؟ لن أعرف أبدا.. كما لم يعد هناك مبرر للمعرفة.
اليوم نسخت فقرة من اليوميات في كراسي الخاص، اشتريته من مكتبة عريقة في وسط المدينة ودفعت ثمنه غاليا.. كان كراسا سميكا، مائتي صفحة مسطرة، أسطر زرقاء وصفحات لا تشف وغلاف من الجلد النبيذي محفور عليه بماء الذهب زخارف نباتية، فكرت أن يكون هذا الكراس الأنيق مكانا لتعديل وترتيب اليوميات، لعلها تصلح كتابا أهديه لروح عايدة.. تقول الفقرة: "كنت أفكر فيك طوال النهار ولم أشعر إلا وحرارة الشمس تلسعني.. كنت في حديقة واسعة وكنت أتأمل الأزهار والأشجار كالمأخوذة.. وحدي لكنني معك.. قدماي تعلوان عن الأرض قليلاً.. قليلاً بما يكفي لتلامس يدي غصون الأشجار الدانية.. وحدي في تلك الحديقة، وحدي والشمس.. نور ونار وقلبك يحنو علي كعنقود عنب."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.