عندما يحتفل الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي المولود في الحادي عشر من أبريل سنة 1938، بعيد ميلاده الثاني والسبعين، يحق لعشاق الشعر أن يحتفوا، فالشعراء لا يولدون كل يوم، والأفذاذ منهم يعدون علي أصابع اليدين في كل قرن. لا يجادل في عبقرية ابن ابنود، القناوي الصعيدي الموهوب، إلا جاحد أو مكابر، فمنذ ديوانه الأول «الأرض والعيال»، ومع تتابع أغنياته التي تجاوزت السبعمائة، وبالنظر إلي المقدمات الغنائية لعشرات المسلسلات، والحوار الشاعري النقي لأفلام مثل «أغنية الموت» و«شيء من الخوف» و«الطوق والأسورة»، وبتأمل نشاطه الثري في المسرح الغنائي ومسرح الطفل، وجهده الخارق في جمع وتوثيق الملحمة الشعبية «سيرة بني هلال»، وشعبيته الخارقة غير المسبوقة، لا ينكر ريادته وتفرده إلا من يعيبون علي الشمس سطوعها. عبدالرحمن الأبنودي شاعر لم تفسده السياسة التي شوهت غيره، فهو إنسان يكتب للبشر وعنهم، ويتغني بعذاباتهم وأحلامهم، ويراود عالما حافلا بالحب والسلام والعدالة، تسوده قيم المساواة والإخاء، ليست صدفة أن يكون صلاح جاهين هو من اكتشفه وتحمس له، عندما كان رئيسا لتحرير مجلة «صباح الخير»، ذلك أن الشاعر الحقيقي يفرح بميلاد الشعراء، أما الأدعياء من مدمني الكراهية والحقد فهم الذين يتربصون بكل جميل، ويفتشون عن القشة في عيون الآخرين. أعظم ما في الأبنودي أنه يحتفظ بشبابه الدائم وحيوته التي لا تعرف الذبول والترهل، وأسوأ ما في كارهيه أنهم يلوذون بكهف الماضي، وتعذبهم أمراض الروح، وتسكنهم نرجسية بغيضة فيجعلون من أنفسهم مرجعية عليا كأنهم آيات الله العظمي، الذين يصدرون الفتاوي ولا يقبلون المناقشة أو المراجعة. اليوم عيد ميلاد الشاعر الذي كتب «موال النهار» و«آه يا اسمراني اللون»، و«بالسلامة يا حبيبي بالسلامة»، فياله من شاعر.. وياله من عيد.