من أخطر البرامج في التليفزيون هي تلك البرامج التي تنقل علي الهواء مباشرة والتي يسمح فيها للمتحدث سواء في الاستوديو مع مقدمي البرامج أو في مداخلات عبر التليفون علي الهواء مباشرة والتي تتميز بنسب مشاهدة عالية وذلك اصطيادا لفكر متحرر أو رأي دون رقابة أو مقص يمكن أن «يمنتج» حينما يكون البرنامج مسجلا. خطورة هذه البرامج هو ذلك التهور الذي يمكن أن يصيب المشاهد من أحد المتداخلين بألفاظ غير لائقة أو تعبيرات غريبة تصدر ولا يكون في مقدور القائمين علي البرنامج سواء في الإعداد أو الإخراج أو حتي مقدم البرنامج أن يتحاشاه وهنا يحدث ما نراه علي الشاشات ونسمعه عبر المداخلات. ولعل هناك طريقة تكنولوجية تسمح بأن يكون لدي القائمين علي مثل هذه البرامج فارق زمني بين ما يتلقاه المذيع من مداخلة علي الهواء وبين ما يبث للمشاهدين بحيث يمكن قطعه أو إبطاله ومنع الوصول إلي آذان الناس ما يسيء إليهم، أعتقد ذلك! ولكن البرامج المنقولة علي الهواء رغم كل الاحتياطات اللازمة التي يتخذها المسئول عن البرنامج والعناية في انتقاء المتحدث في الاستوديو، إلا أن المتداخل علي الهواء لا يمكن ضبطه ورغم ذكاء معدي مثل هذه البرامج في أن يعطي الإحساس للمتداخل بأنه علي الهواء مباشرة وأنه يجب ألا يسيء استخدام الميكروفون أو أن يراعي بأن ملايين المشاهدين يرصدون ما يتفوه به من كلمات، ومع إحساس المتحدث بأنه أمام محكمة شعبية سوف تأخذ القرار مباشرة علي المداخلة استحساناً أو رفضاً أو استياء لما يقوله. إلا أننا نجد من الأخطاء ما لا يمكن توقعه وخاصة من شخصيات عامة أو لها صفة العمومية لشهرتها في مجال عملها أو تخصصها. ولقد تابعنا في الفترة الأخيرة كيف كان الخروج عن حدود اللياقة في الحوار والمناقشات والتي تمس أعراضاً وتمس الشخصيات التي تتنابز علي الهواء مباشرة، لمشاكل شخصية بينهم ومع ذلك فإن التكرار لمثل هذه التجاوزات لا يتوقف بل يتزايد. ولعل الإعلان عن مداخلة لأحد الشخصيات العامة قبل مداخلتها تجعل كثيراً من المشاهدين يترقبون المداخلة. بل يحدث تنسيق واتصالات للحرص علي المشاهدة المنتظرة للشخصية التي ستتداخل في برنامج ما، لكي نسمع ما لا نحب أن نسمعه أو نشاهده وكأننا في جنازة «لا نشبع فيها من اللطم» مثل مصري قديم!