انتقد مدير مركز اللغة والثقافة العربية بجامعة القاهرة الدكتور عوض الغباري خطاب شيوخ الفضائيات، وقال في افتتاح مؤتمر" الثقافة العربية بين الشفاهية والكتابية" الذي عقدته كلية الآداب في الفترة من 6 إلي 8 إبريل: "نجد في خطاب شيوخ الفضائيات لغة عامية مبتذلة تتناقض تناقضا شديدا مع الفصحي، وعليهم أن يعرفوا أن لهم هدفا قوميا قبل أن يكون موقفا وهدفا دينيا". كما انتقد الغباري الصراع بين الفصحي والعامية قائلا: "كفانا خلق معارك وهمية ثنائية بين الفصحي والعامية تارة، والسنة والشيعة تارة أخري، لأنها معارك مفتعلة". واستطاعت أوراق المؤتمر تنحية الصراع المفتعل بين الفصحي والعامية، لأن الاثنين في التراث العربي متكاملان، فهناك تكامل بين المستوي المنطوق والكتابي ولولا ذلك لاندثرت اللغة العربية، وحذر الغباري من التنميط الثقافي والعولمة وأكد أن لهما خطورة شديدة علي اللغة العربية. وفي كلمتها قالت رئيس قسم اللغة العربية بالكلية الدكتورة مي خليف "يدور المؤتمر حول المصطلح ويسعي لتوضيح الرؤية وإزالة الضبابية والغموض، علي غرار ما يكثر ترديده بين الشفاهي والكتابي، بين الشعبي والرسمي، بين العام والخاص، بين الفردي والجمعي وغيرها من المصطلحات، وتتجه المحاور نحو تحليل أنواع الخطاب الثقافي من حيث مكوناته ، أبعاده، مراميه، مسافاته، توجهاته وتداعياته وتجديده، مما يتطلب احتواء كل صيغ الخطاب من المنظور الاجتماعي والديني والسياسي والأدبي والنقدي". وقال الدكتور عبد الحميد حواس: لم تعرف الثقافة الشعبية تعارضا بين الشفاهي والكتابي، فهي تربط حاجتها للكتابة باعتبارها وسيلة توثيق وذخيرة للمعارف ومن مؤهلات التعامل مع الإدارة والكتابة، وإن كان الشفاهي يظل هو العامل المهيمن، وقد أبدعت الشفاهية وأنجزت أعمالا ذات قيمة إنسانية وأدبية كبيرة مما يتوجب صونها". ونفي الدكتور حسين نصار ما تردد عن وجود تصارع بين الشفاهية والكتابية، وأكد أنهما متعاقبان ومتتاليان والمفاضلة بينهما تعتبر أمرًا غريبًا، ولو كان الأدب الشعبي محتقرا في الكلية كما يقال لما تكلم فيه وشجعه الذي أنشأ القسم نفسه وهو طه حسين، ولما وجه تلميذته الأولي الأرستقراطية إلي الأدب الشعبي وهي سهير القلماوي، فهذا لا يحدث في جامعة القاهرة ولا يوجد أي احتقار للأدب الشعبي داخل الجامعة. وفي كلمة بعنوان: "الخروج علي النص: ثنائية القراءة والارتجال في الخطابة السياسية" تحدث مدرس اللغة العربية بالكلية الدكتور عماد عبد اللطيف موضحا كيفية خروج السياسي علي النص والخطبة المكتوبة متخذا من خطب الرئيس السادات مثالا، وقال:"هناك نوعان من الخطب إما يلتزم فيها السياسي بخطبة مكتوبة أو يرتجل أو يقرأ من نص ثم يرتجل عليه، وفي السنوات الأولي لحكم السادات كان يلتزم بالخطب المكتوبة وكان ذلك يناسب تلك المرحلة التي تطلبت إيجاد خطاب سياسي يوافق خطاب عبد الناصر وكانت القوي السياسية حينها متعددة وكانت شرعية السادات مستمدة من كونه خليفة لعبد الناصر، فكان يلجأ لمحمد حسنين هيكل ليكتب له خطبه وهو الذي كان يكتب خطب عبد الناصر، ولهذا كانت تعتبر نصوصًا "آمنة". وتناول المغربي إدريس إعبيزة موضوع "الحكاية الشعبية اليهودية المغربية من الشفاهي إلي المكتوب"، قائلا: هناك 350 حكاية شعبية يهودية مغربية، تحكي شفاهيا، ثم دونت وترجمت إلي اللغة الفرنسية، ومع انتقال اليهود إلي إسرائيل ترجمت إلي العبرية وحققت نجاحا وانتشارا كبيرا، وخوفا من ضياعها قام اليهود بتدوينها، واللغة التي كانت تحكي بها هي العربية، لكن عندما أخرجت من طور التلقي الشفوي احتفظت بالمتن العربي، أما شكلا فقد كتبت بالحروف العبرية، وبطل هذه الحكايات يهودي من مختلف الطبقات الاجتماعية وعلي علم كبير بتفاصيل الدين اليهودي، أما الموضوع الغالب عليها فهو الصراع الطائفي في المغرب بين الطائفة اليهودية والطائفة المسلمة وتصور تلك الحكايات الشخصية العربية بأنها شخصية قاهرة متسلطة، ودائما في آخر المطاف يتغلب العنصر اليهودي رغم ضعفه علي العنصر المسلم وذلك بسبب تشبثه بدينه".