أحمد زكي بدر.. هل نتحمل وزراء آخرين مثله؟ ( 1 ) - كل عام والأخوة الأقباط بخير بمناسبة عيد القيامة المجيد، أعاد الله هذه الأيام علي مصر وشعبها بالهدوء والسلام والطمأنينة.. مصر بمسلميها وأقباطها وأرضها وسمائها ونيلها. - احتفالات الكنيسة القبطية التي ترأس قداس القيامة البابا شنودة، كانت غاية في الروعة والتحضر، وتجسد ذلك بحضور قيادات مسلمة لتهنئة البابا والمسيحيين بالعيد. - ياليت هذه الروح تكون عنوانًا نواجه به الأزمات الطائفية المفتعلة، فبالمودة والتعايش السلمي بين عنصري الأمة، تستطيع مصر أن تتغلب علي أية مشكلة طائفية. ( 2 ) - التهنئة بالعيد للبابا شنودة علي وجه الخصوص، حيث استطاع هذا الرجل العاشق لمصر أن يحتوي كثيرًا من المشاكل والأزمات، وأن يعبر بها إلي بر الأمان. - نجح البابا شنودة في ذلك، لأنه يعلم جيدًا أن مصر هي الحضن الوحيد الذي يمكن أن يحتوي الأقباط، وأن الاستقواء يكون بمصر وليس بأي قوة أخري. - البابا شنودة يعلم جيدًا أن غالبية المسلمين يبادلون إخوانهم الأقباط المحبة والاحترام، إلا نفر قليل من هنا وهناك، ابتليت بهم البلاد في أزمة الفتن والصراعات. ( 3 ) - الأعياد تجمعنا، ويجب ألا تفرقنا المشاكل والأزمات، ففي النهاية لن تكون مصر قوية ومستقرة وآمنة، إلا بوحدة مسلميها وأقباطها وتعايشهم كشركاء في وطن واحد. - كلمة «كل سنة وأنت طيب» يمكن أن تذيب آلامًا كثيرة تنتج عن تصرفات تبعد كل البعد عن جوهر الأديان والروح السمحة التي طبع عليها المصريون. - الأعياد تجمعنا، ويجب أن نحافظ علي هذه التقاليد المصرية الأصيلة، ولا نسمح أبدًا لدسيسة أو وقيعة، فالمتربصون كثيرون جدًا، ويتحينون أية فرصة للصيد في الماء العكر. ( 4 ) - اليوم أيضًا عيد شم النسيم، أحد الأعياد المصرية الأصيلة الذي ليس فيه مسلم ولا قبطي، بل مصري يعشق الطبيعة والجمال والخير والخضرة، فجعل لجمال الطبيعة عيدًا. - نتشارك في الاحتفال، وفي الطعام الواحد الذي نأكله وفي الذهاب إلي الحدائق والمتنزهات، وهكذا حين يحتفل المصري بأعياده الخاصة، يكون طابعه الخير والنماء. - شم النسيم وعيد القيامة المجيد يجيئان هذا العام بعد أحداث نجع حمادي، التي ندعو الله أن تكون آخر الجرائم المؤسفة وأن تتم إزالة آثارها العالقة في النفوس. ( 5 ) - بهذه المناسبة أيضًا أتمني أن تستمر علاقات المحبة والتعاون والتفاهم بين البابا شنودة وشيخ الأزهر الجديد الدكتور أحمد الطيب، استمرارًا للأسس التي وضعها سلفه المرحوم الدكتور سيد طنطاوي. - طنطاوي رحمه الله استطاع أن يخلق جسورًا من المحبة والتعاون مع الكنيسة والبابا شنودة، وضرب الرجلان مثلاً رائعًا وخففا كثيرًا من حدة المشاكل. - الدكتور أحمد الطيب شخصية مستنيرة وله آراء رائعة في الحوار بين الأديان، بجانب أنه يتسم بالهدوء وعدم الانفعال والعمق السياسي المكتسب من عضويته للحزب الوطني. ( 6 ) - أحمد زكي بدر.. زيارته المفاجئة أحدثت صدمة هائلة وارتباكًا شديدًا، فربما كانت المرة الأولي التي يترك فيها وزير مكتبه، وينزل إلي أرض الواقع، ليري المشاكل علي الطبيعة. - شتان بين التقارير المكتوبة، مهما كانت صادمة، وبين الحقيقة، وبين الوزير الذي يصدر أوامره بناء علي عيون الآخرين، وبين من يري ويشاهد بعينيه هو وحواسه هو. - بدر وضع زملاءه الوزراء في حرج شديد، وأثبت أنهم إما غافلون، أو مخدوعون بالزيارات المنمقة والمعلن عنها سلفًا، وليست بشكل مفاجئ. ( 7 ) - السؤال هنا: هل تتحمل مصر وزراء آخرين مثل أحمد زكي بدر، وفي حجم تحركاته وجرأته وإزعاجه وخروجه علي المألوف؟ - الإجابة : في رأيي لا.. فأي وزير يذهب إلي «زيارة مفاجئة» يجد في استقباله يافطات الترحيب ومنصات التتويج، والسجادة الحمراء والرمال الصفراء وباقات الورود. - أيا كانت الآراء المتباينة في الزيارة الصدمة، فيكفي أحمد زكي بدر أنه كشف الغطاء فجأة، فخرجت منه حشرات عمرها قرن علي الأقل. E-Mail : [email protected]