بالأمس طرحت عدة أسئلة لمحاسبة النفس خاصة بكل أم - وكل أب - لنعرف جميعا إذا كنا بالحق نستاهل التهاني هذه الأيام من أبنائنا أم لا واليوم أطرح عدة أسئلة في السياق ذاته. وقد يبدو هذا السؤال غريبا بعض الشيء، ولكنني شخصيا أسأله لنفسي كثيرا جدا جدا وهو: كيف يراني أبنائي؟، وهل يرون في أمهم وجها باسما، وحانيا، ورقيقا، ومهتما لحالهم، ومشفقا عليهم من همومهم، وساعيا لسماع شكواهم؟ أم يرون وجها قاسيا، ضجرا، مهموما، يخافون أن يثقلوا علي صاحبته، ويهربون من ملاقاة تلك العيون النارية المليئة بالغضب من شقاوتهم، وتلك النظرات الحادة التي تحذر وتنذر بالشر المستطير القادم إليهم؟. وأتساءل هل أكون أحيانا الوجه الأول وفي أحيان أخري الوجه الثاني؟ جائز جداًً. إذا ما الوجه الأكثر تواجدا في عيني أبنائي؟ وأسأل نفسي أيضا: كيف يرونني في مجتمعهم؟ وماذا يقولون عني في داخل أنفسهم ولأصدقائهم؟ وهل يرونني الأم التي يفتخرون بها؟ الأم التي يحكون عن إنجازاتها المبدعة - حتي وإن لم أكن هكذا - وبعيونهم يرونني الأقدر علي فعل هذا وذاك، والأفضل في حل المشاكل، وصاحبة الرأي السديد، وغير ذلك من الأمور كما - زلت أنا أري أمي؟ والحقيقة أن هناك أسئلة أخري عديدة أحيانا لا نفكر فيها، وأحيانا أخري نتجاهل الإجابة عليها .. ومنها مثلا: كم من الوقت نقضيه مع أبنائنا؟ وهو سؤال قديم ولكن لإجابته دلالة أكيدة علي قوة العلاقة بين الوالدين والأبناء .. والمؤكد أن طول الوقت وكيفية قضائه يكشفان نوعية تلك العلاقة .. فإذا استبعدنا الوقت الذي تقضيه الأم مع أبنائها في شد وجذب المذاكرة اليومية، والوقت الذي قد تقضيه الأسرة كلها أمام التليفزيون، وأيضا وقت الإجازات المنزلية التي قد تكون فيها الأسرة مجتمعة شكلا ومتفرقة موضوعا بين الأب قارئ الجريدة والأم المشغولة بأعمال المنزل والابنة التي تسمع الموسيقي وحدها والابن الجالس أمام الكمبيوتر. نحتاج أوقاتا أخري غير ما سبق يتجمع فيها كل أفراد الأسرة معا يتحاورون أو يلعبون دون أن ينشغل أحد بشيء آخر وينظرون نحو بعضهم البعض فتتلاقي عيونهم ويتواصلون. سؤال خاص بالأمهات: كم عدد الأسرار التي تفضي بها ابنتك لك؟ إذا كنت أمها وصديقتها في الوقت نفسه فسوف تسر إليك بأخبارها وأمورها ولن تخشي لومك حتي عندما تلوميها وتعود تقول لك أسرارها لأنها تعلم أنك تحبينها. إذا وجدت أنها مازالت تود أن تحدثك بعيدا عن الآخرين في سرية وكتمان، وتضع ثقتها فيك، فاعلمي أنها تشعر بأمومتك فعلا وأنتما صديقتان وستبقيان هكذا. ومن الأسئلة التي يجب أن نسألها لذواتنا أيضا: ماذا نفعل لأولادنا عندما تكون لديهم مشكلة؟ إذا كنا نزيد المشكلة سوءاً ونغضب ونثور في وجه الابن صاحب المشكلة، إذا كنا نلوم صاحب المشكلة ونشعره بأنه هو السبب في المشكلة بل في كل المشاكل، إذا كنا لا نري من المشكلة إلا ما يمس كرامتنا نحن وشخصياتنا نحن، إذا كنا لا نتدخل بهدوء لإيجاد حلول لتلك المشكلة ونساعد أولادنا علي اجتياز أزماتهم وعبور مشاكل حياتهم، فهل يصح أن ندعو أنفسنا أمهات وآباء!