عرفت د.أحمد الطيب عن قرب منذ فترة قريبة، ووجدته نفس الشخص الذي عرفته عن بعد.. إنسان شديد البساطة.. عف اللسان.. فصيح اللسان.. قوي الحجة.. بالغ التسامح.. لا يغير كلمته.. يشعرك منذ اللقاء الأول أنك تعرفه منذ فترة طويلة.. مثقف كبير.. وملم بأمور دينه ودنياه يعرف صحيح الإسلام ويروج له وسط الناس.. يؤمن بأن باب الاجتهاد مفتوح إلي يوم القيامة.. مثقف كبير. والأهم من ذلك كله فهو إنسان يبث في نفوس من يسمعه أو يلتقيه كل أحاسيس الراحة والثقة فضلاً بالطبع عن المحبة والاحترام.. أنت تحبه وتحترمه وتثق فيه إذا سمعته وهو يتكلم سواء في الدين أو في أمور الدنيا.. أما إذا التقيته فأنت تحبه وتحترمه وتثق فيه أكثر.. وإذا تحدثت معه يزيد حبك واحترامك وثقتك فيه أكثر وأكثر. ولذلك.. عندما توفي فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر د.محمد سيد طنطاوي تمنيت أن يخلفه في هذا الموقع المهم د.أحمد الطيب.. وكم كانت سعادتي حينما حقق الرئيس مبارك أمنيتي التي أعتقد أنها كانت أمنية كل من عرف أو تعرف سواء عن قرب أو بعد علي د.أحمد الطيب. لقد كسبت مشيخة الأزهر إمامًا فاضلاً وعالماً جليلاً ومثقفًا عظيمًا، وإنسانًا أعظم.. عظمته تكمن في بساطته وتسامحه وإنسانيته الشديدة، وقد بدا ذلك واضحا في حالة الحزن التي انتابت كل أساتذة جامعة الأزهر والعاملين فيها علي تركه رئاسة الجامعة، لكن ما خفف هذا الحزن هو توليه مسئولية مشيخة الأزهر، وانتقاله إلي موقع أهم سوف يخدم فيه كل المسلمين والإسلام وليس طلاب وأساتذة جامعة الأزهر والعاملين فيها فقط. إن العالم الإسلامي يمر بفترة حرجة جداً الآن.. حيث سعي البعض في الغرب إلي تشويه الإسلام والادعاء بأنه يقترن بالإرهاب ويشجع عليه وأنه يعادي التسامح ولا يقبل بالتعايش مع الأديان الأخري.. حيث سعي هؤلاء أيضًا إلي تشويه صورة المسلمين والادعاء بأنهم إرهابيون أو علي الأقل يشجعون الإرهاب ويدعمون الإرهابيين وأنهم غير متسامحين ومتشددون ويرفضون التعايش مع أصحاب الأديان الأخري أو ينكرون هذه الأديان. ورغم أن الولاياتالمتحدة تغيرت إدارتها وجاء رئيس جديد بأفكار ورؤي جديدة، تحاول تغيير صورة الإسلام في الغرب التي شوهها من انتسبوا للإسلام ومارسوا إرهاباً هنا وهناك إلا أن شكوك الغرب في الإسلام والمسلمين مازالت موجودة ونظرتهم إلي المسلمين لم يطرأ عليها تغيير كبير بعد، ومازلنا نسمع هنا وهناك، طعنًا في الإسلام وتشهيرًا بالمسلمين ورسولهم. وهذا الجو العدائي الذي ساعد عليه إرهاب جماعات تنتسب زورًا للإسلام، يحتاج إلي قيادة عاقلة للأزهر.. قيادة تؤمن بأهمية العقل وتعلي أهمية الحوار وتملك الحجة وتتمتع بأقصي درجات التسامح، وتستخدم المنطق في إقناع الآخرين بما تملكه من حجة.. وهذا ما يتوافر وبسخاء في د. أحمد الطيب الإمام الأكبر وشيخ الأزهر الجديد. أيضًا.. إن المقدسات الإسلامية في القدس تتعرض الآن لخطر ضخم يهددها في ظل احتلال استعار كل الأساليب النازية في التعامل مع الفلسطينيين.. وهذا الخطر يحتاج لدور كبير من الأزهر للتصدي له ولحماية المقدسات الإسلامية من خطر الهدم والاستيلاء عليها.. وهذا يحتاج لحس سياسي مرهف قوي.. وهذا ما يتوافر أيضًا في د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الجديد. كذلك.. إن بلادنا تتعرض لتهديدات باندلاع حوادث طائفية هنا وهناك قد تتحول إلي فتن طائفية تعكر صفو استقرار ووحدة مصرنا.. وهذا يحتاج إلي خطاب ديني عاقل مستنير مجدد متسامح، ينبذ التشدد والتطرف، ويرفض الانغلاق والانسياق وراء فتاوي ضالة ومضللة.. ود. أحمد الطيب المثقف والمفكر والمتسامح والعاقل المستنير والعالم يستطيع قيادة الأئمة في ذلك الطريق لتجديد خطابنا الديني من أجل حماية وحدتنا.. ومليار مبروك لنا لاختيار د. الطيب شيخًا للأزهر.