لم يتوقع أكثر المحللين تفاؤلاً أن يستمر حزب العدالة، والتنمية التركي في الحكم سوي عام، أو عامين علي الأكثر، قبل أن يطيح به الجيش في انقلاب مكرر حال إعلانه هويته ومرجعيته الدينية، وبعد مرور سبعة أعوام؛ جاء الانقلاب، ولكنه كان هذه المرة بقيادة رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان علي الجيش الذي يقوم علي حراسة قيم الدولة العلمانية ليعلن قيام الجمهورية التركية الثانية علي خطي محمد الفاتح وعكس اتجاه كمال أتاتورك الذي أسقط الخلافة في عام 1925. شهدت تركيا خلال اليومين الماضيين اعتقال 67عسكريا من رتب مختلفة بدعوي التخطيط ل"بمؤامرة انقلابية" ضد الحزب الحاكم، بينهم 3 من كبار القادة العسكريين هم قائد القوات الجوية السابق، وقائد سلاح البحرية السابق، ونائب سابق لرئيس الأركان، وخرج الرئيس التركي الذي بدأ ولاية جديدة ليقول إنه "لا أحد فوق القانون"، وهي الرسالة التي وجهها عبد الله جول إلي قادة الجيش، والمحكمة الدستورية العلمانية. أدي خطر وقوع أزمة كبري إلي عقد اجتماع بين الرئيس التركي ورئيس أركان الجيش ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان أعرب خلاله انه يريد حلاً دستورياً للخلاف، بحسب بيان صدر عقب اللقاء، واتهم رئيس الوزراء عقب اللقاء وسائل الإعلام بإشاعة القلق بين المستثمرين، بعد ان هبطت بورصة اسطنبول بنحو 7٪ خلال الأسبوع وتراجعت الليرة التركية أمام الدولار. رغم تأكيد جول ان تركيا ستتجاوز الأزمة التي نجمت عن الإجراءات القضائية الأخيرة، الا ان الأمر لا يبدو كذلك، اذ قال جنرال متقاعد في الجيش التركي، متهم بالضلوع في المؤامرة، إن الصراع بدأ الآن، مشيرا إلي تفاقم حدة التوتر بين قيادة حزب العدالة والتنمية وقيادة الجيش، خاصة في ظل نفي رئاسة أركان الجيش كل التهم وتأكيدها علي أن الخطة التي نشرت في الإعلام ليست إلا آلية تدريب موجودة لدي جميع جيوش العالم، رأت المعارضة فيما جري انقلاباً مدنياً. فور فوزه برئاسة بلدية اسطنبول عام 1994 قال أردوغان " الذي قضي أربعة أشهر سجنًا بتهمة تأجيج التفرقة الدينية في اسطنبول إن أمة الإسلام تنتظر بزوغ الأمة التركية الإسلامية، وهذا ما سيتحقق، فالتمرد ضد العلمانية بدأ، ولن يتوقف، غير ان الصورة التي قدم بها العدالة والتنمية نفسه من خلال التاكيد علي حفاظه علي مكتسبات مصطفي كمال اتاتورك، مكنته من تحييد الجيش جزئياً بعد فوز الحزب في الانتخابات التشريعية التي جرت في نوفمبر 2002 ويبدو ان المعركة بدأت الآن في ظروف مغايرة.