شهدت الأيام الماضية ارتباكاً في سوق السيارات بعد استدعاء شركة تويوتا العالمية لسياراتها لتغيير دواسة البنزين أعقبتها شركات هوندا وفورد وفولكس فاجن دون أن يكون هناك اعتراض كبير بين المستهلكين في أنحاء العالم بسبب تكرار تلك الحالات في الخارج بينما في مصر تذبذبت الآراء بين انتظار جهاز حماية المستهلك لتقدم المواطنين بشكاوي حتي يقوم بالتحرك واستغرق ذلك نحو أسبوع والشركة من جانبها أصدرت بياناً تؤكد أن سياراتها سليمة بلا عيوب والأزمة لا تطولها حتي تحرك عدد من المستهلكين وقاموا بتقديم شكوي وسار السياق كأن السوق انقلب والثقة اهتزت في جميع الماركات بعدما ثار التساؤل حول مدي سلامة السيارات الرخيصة والمواصفات وغيرها من الأسئلة التي تعلقت أغلبها في كلمة الشفافية ومدي قبولها مجتمعياً. الأمر يحتاج وقفة في كيفية تعامل مستهلك السيارات في مصر مع الشركات والأجهزة المعنية التي بات واضحاً أن التحرك دائماً ما يكون مشفوعاً بادراك لدي المستهلك نفسه وهو ما يتطلب أن تقوم الشركات بإرساء قاموس جديد من المفاهيم في التعامل مع المستهلك حتي لا تفقد ماركة صورتها داخل السوق بسبب الخوف من المبادرة بالإعلان. وبسؤال عدد كبير من الوكلاء قالوا جميعاً: المستهلك المصري لن يدرك بسهولة ما يدركه المستهلك في أي دولة في العالم، فشهادات الضمان الممنوحة منصوص فيها بند يعكس فكرة الاستدعاء وضمان عيوب الصناعة إلا أن المستهلك لا يلتفت إليها وبصراحة إحنا "مش عاوزين فضايح" وبنحل أي مشكلة بطريقتنا. ويؤكد سعيد الألفي رئيس جهاز حماية المستهلك أن قرارات الجهاز ملزمة ولن يكون هناك تهاون مع الشركات المخالفة موضحاً أن الجهاز تحرك بعد أن تلقي شكاوي حيث الزم الشركة بصيانة 6500 سيارة كرولا وإصلاح أي عيوب علي نفقتها الخاصة. أضاف: إن مشكلة هوندا وفولكس ليست ظاهرة حتي يتم الزامهما، مؤكداً أن هناك شركتين تحملات ماركات سيارات صينية تتم مراجعتها حالياً بعد ارتفاع أعداد الشكاوي. فيما أكد مصدر مسئول بالجهاز أن 90٪ من الشكاوي والمشكلات التي تظهر يتم حلها بالطرق الودية من خلال الاتصال بالشركة وإلزامها بحل المشكلة وهذه الحالات متكررة إلا أن الخوف علي سمعة الشركات يجعلنا نتخلي عن فكرة الإعلان. ويؤكد أحمد منصف الرئيس التنفيذي لتويوتا إيجيبت بحيث أن ما حدث في الشركة الأم نوعاً من الشفافية خاصة وأن تغيير دواسة البنزين لا يستغرق سوي نصف ساعة وغالبية السيارات المعيبة غير موجودة في السوق المصري ومع ذلك نحن ملتزمون بصيانة سياراتنا من أي شكوي يجدها مستهلك تويوتا لافتاً إلي أن الشفافية مفهوم غائب في مصر لذلك لم يتقبله المستهلك المصري، فيما قدرت الشركة تكلفة صيانة 6500 سيارة الزمها بها جهاز حماية المستهلك بنحو 20 مليون جنيه. يؤكد خالد سعد، مدير تسويق المجموعة البافارية، أن عدداً كبيراً من الشركات في مصر يكتشف عيوباً في التصنيع ولا يقوم بالإعلان عند خوفاً علي سمعة الموديل في السوق ولذلك فالشركات تقوم بحلها بطريقتها من خلال طلب العميد لصيانة سيارته والقيام بتغيير الجزء المعيب إذا كان فرعيا وغير مؤثر وتخرج السيارة بلا عيب دون أن يعلم العميل أما في حالة وجود عيب في الموتور مثلا فلا يجوز تغييره بدون علم العميل بسبب رقم الماثور المدون في الرخصة وبذلك تقوم الشركة بتغييره ومنح العميل شهادة جديدة برقم الماثور وشهادة تؤكد عدم تحمله أي تكلفة بسبب التغييرات دون أن يدري أحد. يضيف أن فكرة الاستدعاء إذا تم تطبيقها في مصر مثل الشركات العالمية فتكون إعلانا لمقتل التوكيل في مصر مقللا من إمكانية انتشار تلك الثقافة لدي المستهلك المصري. ويلفت محمد جمال الدين الرئيس التنفيذي لنيسان إلي أنه لا يوجد مشكلة في السيارات اليابانية كما يشاع فالأمر تعلق ببعض الموديلات الأمريكية والأوروبية واصفا ما يحدث بأنه تهويل كبير بسبب عدم وجود ثقافة في مصر، خاصة أن عدداً كبيراً من السيارات لديه ضمان ضد عيوب الصناعة ومذكور به الاستدعاء في حالة أي عيب والتزام الشركة بإصلاحها في مراكز خدمتها، مؤكدًا أن المشكلة هي أزمة ثقافة فقط. ويوضح علاء سبع، وكيل سيارات فولكس فاجن، أن استطلاعات الرأي الأمريكية أظهرت أن 63٪ من سائقي تويوتا موافقون علي فكرة الاستدعاء و72٪ يرون فكرة الاستدعاء عادية، لافتا إلي أنه إذا تم إجراء استطلاع رأي في مصر فستكون النتيجة مختلفة رغم أن الوضع أصبح مختلفاً بسبب اطلاع المستهلكين في مصر علي كل وسائل الإعلام والتكنولوجيا العالمية. يضيف إننا تحتاجين ثقافة وتوعية لدي المستهلك، مؤكدا أن الشركات في مصر تعي ثقافة المستهلك وتتعامل بمبدأ مش عاوزين فضائح. يوضح أن موديل فولكس فاجن الذي تم الإعلان عن وجود عيوب به غير موجود في مصر وموجود فقط في البرازيل فالعميل لا يعرف الشفافية عند التعامل مع الشركات. ويوضح أحمد خليل، مدير مركز خدمة العملاء بشركة اسكودا، أن سوق السيارات في مصر يحتاج إلي لجنة رسمية تضم موزعين وفنيين للتفرقة بين عيب الصناعة وعيب الاستخدام لإصدار أحكام صادقة حول السيارات بدلا من الإضرار بسمعة الشركات من خلال الإعلان بجميع الصحف عن عيب ربما لا يكون في محله بموجب شكوي غير مؤكدة وهو ما يضر بالسوق ككل، موضحا أن أي شائعة في السوق كفيلة بتأثر حجم مبيعاته والتأثير علي العمالة. ويوجز عفت عبدالعاطي، رئيس شعبة تجارة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية سابقا، الأزمة الحالية في أن التجار والمصنعين مش عاوزين فضايح لذلك لم يشهد السوق من قبل أي إعلان عن استدعاء السيارت. ففي حالة حدوث أي عيب تجد الشركات في خدمة العميل سواء من خلال تعويض العميل أو تغيير الجزء المعيب، لافتا إلي أن الحقيقة تؤكد أن الشركات في مصر "مستهبلة" ولا تريد أن تعلم المستهلك فكرة الشفافية التي تتعامل بها الشركات الأخري خاصة أنها لن تتكلف شيئاً فالضمان من الشركة العالمية.