روايتا "أين نذهب يا بابا" لانجريد توبوا، و"ملك أفغانستان لم يزوجنا" لجون لوي فورنييه، كانتا محور "المائدة المستديرة" التي خصصت ندوتها للأدب الفرنسي المعاصر، والتف حولها مترجما العملين أيمن عبد الهادي ورشا عامر والدكتورة رانيا الشماع والروائية الدكتورة سهير المصادفة مديرة سلسلة "الجوائز" التي نشرت العملين بالعربية. قدم المترجم أيمن عبد الهادي للندوة قائلا كلتا الروايتين المقدمتين حصلتا علي جائزة الرواية الاولي الفرنسية، التي لا تشترط جنسية محددة للحاصل عليها وشرطها الوحيد أن يكون العمل الروائي الأول لكاتبها، ويشتركان في شيء آخر وهو العمق والتركيز وارتياد أماكن ومناطق إنسانية تغوص في الفكر والوجدان. تحدثت المترجمة رشا عامر عن بطلة رواية "ملك أفغانستان لم يزوجنا" لجون لوي فورتييه، التي تقدم تجربة فتاة فرنسية تعمل في "كابول" التي اكتشفت أنها حافلة بكل مقومات الروعة والجمال عكس ما يشاع عنها في العالم أجمع بأنها ليست سوي وكر للإرهابيين، وكيف تحيلها الحروب والنزاعات إلي بؤرة من الجحيم في بعض الأوقات، عارضة معاناة أهل البلدة الذين أحبتهم وأحبت طريقتهم البسيطة في الحياة. وأكدت عامر أن بطل الرواية الحقيقي ليس "الفتاة" وإنما الوصف والمشهدية العالية غير التقليدية للمكان، وأن البطلة في الرواية أدانت المجتمع الدولي الذي وقف صامتا حيال ما يجري هناك، والرأي العام العالمي الذي أدان كل الأفغان بلا تفريق. ووافقتها الدكتورة سهير المصادفة واضافت ان هذه هي مهمة الادب الحقيقية في مواجهة الميديا العالمية التي تروج فقط لما تريد له البقاء حتي وإن كان محض ترهات، وهذا ما فعلته الرواية التي أدت مهمتها كرسالة حب من مواطنة فرنسية إلي العالم ونداء منها لاكتشاف أفغانستان من جديد، بعيدا عن الحروب والنزاعات والآراء العالمية التي تحاك ضدها وضد أهلها. وفي كلمتها عن رواية "أين نذهب يا بابا" للروائي انجريد توبوا قالت الدكتورة رانيا الشماع إن هذه الرواية حصلت أيضا علي جائزة "فيمينا" الفرنسية 2008، وتدور أحداثها حول السيرة الذاتية لصاحبها انجريد، الذي يعيش حياة صعبة مع طفليه توما وماثيو، حيث تحكي الرواية قصة البطل الذي أنجب طفلين معاقين فكريا، لا يملان من طرح سؤال واحد بلا نهاية وبلا اكتفاء من ردود الأب وهو "أين نذهب يا بابا". ووصفتها بالرواية المؤثرة، فرغم كونها مأساة حقيقية، فقد تناولها الكاتب بوجهة نظر ساخرة، لا تخلو من النظرة المأساوية فهي ليست رواية صدامية بالمعني العام لتناولها السردي الكوميدي بقدر كونها رواية تأملية بالدرجة الأولي، كما أننا نجد اللغة سهلة وبسيطة. وتتعاقب الأحداث والمواقف الساخرة التي يمر بها الأب مع طفليه حتي يصل للحظة الحاسمة التي يعرف فيها أن زوجته حامل للمرة الثالثة، ويفكران معا هل ينجبان طفلا ثالثا معاقا، أم يتخلصان منه ومن عبئه سريعا، وعند استشارتهما للدكتور ينصحهما بإنجاب هذا الطفل، لأن فرصة إنجاب طفل صحيح تساوي بالنسبة لهم فرصة إنجاب طفل معاق، كما أنهما لن يخسرا كثيرا إن جاء طفلهما الثالث معوقا، وبالفعل يأخذان بالنصيحة وينجبان طفلة ثالثة سليمة، يسميانها "ماري" ويموت الطفل "توما" وهو في سن الخامسة عشرة بينما يظل "ماتيو" معهم حتي الآن.