عندما تصمت ألسنة العلماء عن الإفتاء فإن النتيجة ستكون انتشار الجهلاء وأصحاب الهوي يتحدثون عن الدين بما ليس فيه ، وسبب حديثي هو أنه في ظل شكوانا المريرة من ظهور من ليسوا اهل اختصاص يطلقون فتواهم هنا وهناك عبر الفضائيات نجد بعضاً من علمائنا الذين لهم حق الفتوي يخشون من إظهار الفتوي حتي في أبسط الأمور خوفا من ان يصيبهم غضب من احد المسئولين في عملهم. ولقد صادفني خلال الشهر الماضي موقف هو الأول من نوعه داخل لجنة الفتوي بالأزهر الشريف ، التي شهدت تغيير قيادات بها ، فعلي الرغم من الشجاعة التي تعودنا عليها من مشايخ الأزهر ، وجرأة شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي وكثير من علماء الأزهر الكبار وعلي رأسهم أعضاء مجمع البحوث الإسلامية في التصدي لكل ما يعرض عليهم من قضايا وإعلان موقفهم بكل صراحة، إلا أنني وجدت صعوبة كبيرة في الحصول علي فتوي بسيطة حول قضية تخصيص تاكسيات للنساء كانت لجنة الفتوي أجابت عليها وسبب ذلك اعتقاد احد المسئولين باللجنة ان الفتوي لو أخذها أحد الصحفيين ستكون مشكلة له، وهو بالطبع غير محقق في مكان علم ودين مثل مجمع البحوث الإسلامية خاصة أنني علي علاقة طيبة بأمينها العام الشيخ علي عبد الباقي الذي أعهد فيه الجرأة وقوة الحجة في الحديث ، والصراحة في كل شيء. وبعد مكابدة وتصميم حصلت علي الفتوي لكن كان لابد أن أذكر هذا الموقف كي أؤكد لكل مسئول عن الإفتاء في الأزهر أن العلم أمانة ونشره علي الناس هو من اوجب الواجبات، وأن كتمانه هو من الأمور التي نهي عنها ربنا عز وجل، خاصة أن العلماء هم ورثة الأنبياء، والنبي عندما أرسل لم يكن ليخفي شيئا مما أنزله الله علي الناس خوفا من أحد، فأولي بعلمائنا ان يقتدوا بأنبياء الله لأنهم هم ورثة علم الله في الأرض. كما لابد علي كل من يأتي ليعهد بمهمة عظيمة مثل الفتوي داخل اعظم وأعرق مؤسسة دينية في العالم أن يعلم أنه في اختبار وامتحان دائم مع الله، وأن هداية الناس لابد وأن تكون شاغله الشاغل، فلم ينشأ الأزهر الشريف لجنة الفتوي إلا لتكون مركزا لنشر الدين الصحيح وتثقيف الناس في كل ما يستجد في أمور دنياهم،وأطمئن كل شيخ اختاره الله ليكون مسئولا عن الفتوي بالأزهر أنه لا يمكن أن يغضب مسئول كبير بالأزهر وهو يقول كلمة دين يبصر بها الناس، خاصة أن عهد الإمام الأكبر الدكتور طنطاوي ليس فيه ما يخفي عن الصحافة، وليكفي كل من يفتي علي علم أن له أجرين من الله أجر الاجتهاد وأجر الفتوي ، ولا ضرر أبدا من قول الحق والذي أعلاه كلمة الدين وهداية الناس في أمور دنياهم.