كتبت بمقال أمس الأول أن المرأة هي التي تكرس التمييز ضد نفسها بصورة مباشرة بدون وعي في الكثير من الأحيان أثناء دفاعها عن قضاياها ومشكلاتها، وهو ما يجعلها تقع في فخ تحميل الرجل المشكلة بالكامل وكأنه المسئول الوحيد عنها.. بدون أي مسئولية عليها. وذكرت أيضاً من خلال ملاحظة عابرة.. أنه كلما كانت حياة المرأة مستقرة بشكل إيجابي في مجملها، وكلما كانت مستقرة عائلياً.. ينعكس ذلك عليها فكرياً فيما تقول أو تدعو حول قضايا المرأة في المجتمع. ومن الملاحظ، إن هناك العديد - من الرجال تحديداً - ممن يفسرو ما سبق من خلال تصورات سابقة وخاطئة. ويتصورون أن الحديث عن المساواة بين الرجل والمرأة هو بمثابة وضع (السم في العسل) في مجتمعنا، وإن تلك المساواة المزعومة هي السبب في زيادة نسبة الطلاق وتشريد الأطفال وانتشار ظاهرة أطفال الشوارع.. وترسيخ (العقد) لدي البنات بوجه خاص بعد انفصال الأب والأم. إن الحديث عن المساواة بين المرأة والرجل.. لا يرجح (كفة) طرف علي الطرف الثاني، وبالتالي.. لا يصنف أحدهما علي أنه ملاك في مقابل (عدوانية) الطرف الثاني. لا شك، أن العلاقة بين المرأة والرجل تحكمها في نهاية المطاف.. مرحلة التربية والتنشئة التي ترسخ لدي كل منهما القناعات الأولي في التعامل، وبناء تصور عن الجنس المقابل.. المجهول له بنسبة كبيرة بسبب التعليم والإعلام، وقبل ذلك كله بسبب ثقافة المجتمع وتراثه في رسم ملامح الرجولة والأنوثة التي غالباً ما تكون مشوهة أو مبتورة. المتتبع لما يحدث الآن في موقف المرأة تحديداً.. يكتشف أن الكثيرات قد امتنعن عن الزواج، بل ورفضونه بسبب بعض الأوهام عن عدم قدرة الرجل علي تولي مسئولية بيته (زوجته وأطفاله..)، فضلاً عن التصور المنتشر حول عدم قدرة الرجل علي: التعبير عن عواطفه، والاستمتاع بالإجازة، وإنصاته وسماعه لزوجته، واهتمامه أكثر بعمله. وهو حكم لا يمكن تعميمه علي جميع الرجال لأن عدم تحمل المسئولية هو أمر وارد لدي الطرفين. إن المرأة ليست هي المجهول بالنسبة للرجل، كما أن الرجل ليس هو المجهول للمرأة.. لأن كليهما يجب أن يندرج تحت مفهوم المعلوم علي حقيقته بدون استنتاجات أو أحكام سابقة.. لتستمر الحياة في تعاون وتفاهم من جانب، واختلاف لا يمنع الود والاحترام بينهما من جانب آخر. الخلاصة.. إن الولد والبنت أو الشاب والشابة أو الرجل والمرأة.. هما نتاج التربية والأخلاق، وهما من يرسمان معاً ملامح الاحترام والتقدير في العلاقة فيما بينهما فيما بعد ضمن معايير الحياة الزوجية المنضبطة. وهي المعايير التي يحددها الرجل والمرأة في مساواة تامة.. بدون أي تمييز أو استبعاد لطرف منهما. المرأة.. إنسان، والرجل.. إنسان! تري، هل نعرف معني الإنسانية ومفهومها الذي يستوعب المرأة والرجل معاً؟!. إنه سؤال معلق للمستقبل.