يقول المفكر اللبناني أمين معلوف صاحب "الهويات القاتلة": "ما يسمّي احترام الخصوصيات الإثنية أو الدينية أو المذهبية، أكثر من احترام الإنسان الفرد لإنسانيته وفرديته، موقف يضمر عنصرية مقيت "، وهذا هو جوهر "السلام"، أو قل ثقافة السلام، وهي السبيل لمعالجة مشكلات التهميش واللامبالاة والكراهية والعنف، كما جاء في إعلان اليونسكو 1995 أن التسامح في حقيقته تربية مستمر، فمشاعر ضبط النفس وقبول الآخر والإدراك بأننا نعيش في عالم واحد تشترك فيه الأفكار المختلفة وتتعايش فيه الأعراق والأجناس والأديان جنباً إلي جنب هو نوع من التسامي فوق المطامع والمصالح الضيقة، أي أن التسامح يقضي بأن نري مصالحنا في إطار مصالح الآخرين. من هنا لابد من البحث عن " نمط جديد من التربية يأخذ في الحسبان أبعاد الكائن البشري كلها" (3) وهو يتأسس علي أربعة أركان، أجملها فيلسوف العلم المعاصر "بسراب نيكولسكو"، تأثرا بفلسفة "أوغسطين كورنو" أيضا، وهي: 1- تعلمُّ المعرفة للتمييز بين الواقعي والوهمي. 2- تعلم الفعل، أي تحصيل مهنة قادرة علي التواصل مع المهن الأخري، أي تعلم "الإبداع". 3- تعلُّم الحياة السوية، الأمر الذي يعني الانفتاح والاحترام والتسامح. 4- تعلم الوجود باكتشاف التناغم والتنافر بين حياتنا الفردية والاجتماعية. وهذه الأركان الأربعة ترتبط فيما بينها، وفق العبر مناهجية ذ Transdisciplinarity بما يمكن تسميته عبر علاقة- trans-relation. والتربية القابلة للحياة " لا يمكن أن تكون إلا تربية متكاملة للإنسان.. تخاطب الكلية المفتوحة للكائن البشري، وليس مكونًا واحدًا من مكوناته " (4) أي أنها تربية دائمة طوال الحياة. وعلي ذلك، فإن هدف النمط الجديد من التربية ليس هو تجنب صراع الحضارات فحسب، وإنما إجراء تغييرات جذرية في العقلية والمسلك الاجتماعي، وهي مسئولية كل فرد تجاه ذاته . ولكن "علي البني الاجتماعية أن تخلق الشروط لكي تستطيع هذه المسئولية أن تنفتح فيها وتمارس" (5) وبالتالي تظهر حاجة ماسة إلي شكل جديد للنزعة الإنسانية ذ Humanism يمكن أن "يوفر لكل كائن بشري القدرة القصوي علي التنمية الثقافية والروحية" (6) يطلق عليه "العبر إنسانية" ذ Tran humanism . وتختص العبر إنسانية ببحث الحالة الطبيعية للإنسان ذ الإنسان الذي يتجاوز ذاته، وذلك بالبحث عما هو "بين" ، و"عبر" trans ? وفيما يتعدي الكائنات البشرية" (7(. كما يربط كل من "نيكولسكو" و"كورنو" بين "الأمة" Nation و"الطبيعة" Natura و"الجنسية" Nationality من خلال الجذر اللغوي المشترك لها، " فالاعتراف بالأرض كوطن رحمي ذ matricielle هو واحد من إلزامات العبر مناهجية. فلكل كائن بشري الحق في جنسيته، لكنه في الوقت نفسه (وفي عصر العولمة وما بعد الحداثة) كائن عبر وطني " (8). ويمكن للعبر وطني إزالة أسس التمييز الممثلة في الأنانية القومية والدينية والطائفية، منع الحروب والاستغلال والاستعباد، وبالتالي منع انتهاك كرامة الكائن البشري مستقبلا. الهوامش: 3 ذ بسراب نيكولسكو : بيان العبر مناهجية، تقديم أدونيس، ترجمة: ديمتري أفييرينوس، دار مكتبة أيزيس، دمشق 2000: ص ذ 153 قارن بين كتاب " نيكولسكو " وكتاب " كورنو " : Cournot .A : Essai sur les fondements de nos connaissances et sur les caracteres de la critique philosophique : Translatd by M.M.Moores as An Essay on The Foundations of Our Knowledge ( New York 1956 ) . section:130 , and whats following it . 4 ذ نيكولسكو: بيان العبر مناهجية، ص ذ 159. 5- المرجع نفسه : ص ذ 168. 6- المرجع نفسه : الصفحة نفسها. 7- المرجع نفسه : الصفحة نفسها. 8 - المرجع نفسه : ص ذ