أكد النقاد في الندوة التي أقامتها الجمعية المصرية للنقد الأدبي مساء الأحد الماضي لمناقشة ديوان "تعالي إلي نزهة في الربيع" للشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، علي أن الذات الشاعرة أرادت التخلص من عالمها القاسي عن طريق اللجوء لعالم آخر ملئ بالبهجة. ففي كلمته أكد رئيس قسم اللغة العربية بآداب القاهرة الدكتور صلاح رزق، علي أن الشاعر أراد التخلص من النمطية والتكرار والهروب من ضغط الحياة إلي أفق زمني آخر يفيض بدلالة البهجة والتجدد، وأشار إلي أن ضمير المخاطب في العنوان "تعالي" قد تستدعي الأنثي أو الذات الشاعرة نفسها. وأشار الناقد الدكتور علاء عبد الهادي إلي أن أبو سنة لجأ للشعر لكي يواجه به شعور الانتماء المطبوع بالحيرة والغربة في عالم يراه فاسد، وقال: "حينما يحاصر الواقع الشاعر يلوذ ببيت جدرانه من الكلمات ليؤثثه بشعوره المرهف للجمال وهو بذلك يحاول رأب الصدع بين واقع معيشي يرفضه ولا يملك غيره وواقع محتمل يبتغيه. وقال عبد الهادي أن أبو سنة صاحب صوت مميز وسط جيل الستينيات، وقطع أبو سنة رحلة طويلة في الشعر قاربت ال40 عاما منذ ديوانه الأول "قلبي وغازلة الثوب الأزرق" عام 1965 وتطل من شعره قيم جمالية ووطنية وأخلاقية، كما يهتم بمفردات الطبيعة، وأشار إلي هاجس الماء الذي يهتم به أبو سنة في شعره كأنه رمز أو أسطورة شخصية، كما في دواوينه: "حديقة الشتاء 1969" و"الآبار القديمة 1973" و"البحر موعدنا 1982" و"رقصة نيلية 1993" و"أغاني الماء 2002" إلي جانب أربعة أعمال أخري رآهم عبد الهادي ترتبط ارتباطا غير مباشر بالماء منها: "رماد الأسئلة الخضراء" و"ورد الفصول الخيرة" و"شجر الكلام". وأكمل عبد الهادي: حاول أبو سنة الكتابة علي إيقاعات مفتوحة لقصيدة النثر، وخرج في مجموعة من قصائده عما ألزمه به العروض الغربي التقليدي، مجددا، وربما مؤمنا بأن روح الشاعر في موسيقاها أهم من الالتزام بقواعد صارمة. وتناول الناقد أحمد حسن الديوان قائلا: "المتأمل في عنوانه يجد ملمحين بارزين، ملمح الطبيعة المتمثل في مفردة الربيع، وملمح المرأة المتجسد في ضمير المخاطبة الذي يحيل إلي الأنثي المحبوبة"، وأوضح أن المتأمل للديوان سيجد أن الربيع ليس هو الربيع الرومانسي الموازي للفرح بالحياة، وإنما هو ربيع الخلاص الذي يتوق إليه الشاعر بوصفه مجسدا للرغبة في الانتشاء بالوجود قبل أن يفاجئه ضياع العدم. وتحدث حسن عن رافدين رآها أثرا بشكل كبير في تجربة أبي سنة الشعرية وقال: هناك الرافد القومي بتجلياته السياسية والاجتماعية عبر انتماءات الشاعر الأولي، التي تجسدت في تأثره المبكر بالمشروع القومي الذي حملته المرحلة الناصرية، إلي جانب الرافد الإنساني الذي جعل الشاعر يرتبط بالطبيعة باعتبارها تمثل أفقا لتشكيل الصور والرموز ويمزج تجربته بالرؤي الرومانتيكية. ووصف الشاعر ياسر أنور أبو سنة بأنه شاعر الحرية قائلا: بهذا الديوان الجديد خرج محمد إبراهيم أبو سنة من حالة السكون الشعري ورصد ما يحدث، إلي حيز الواقع، وقد أثبت أنه قادر علي الإبداع وسط هذا الضجيج الشعري.