أكد السفير محمد العرابي مساعد وزير الخارجية للشئون الاقتصادية الدولية أن مصر مرت بتحديات اقتصادية عالمية غير مسبوقة خلال 2009 كان لها أثر مباشر علي قيام وزارة الخارجية المصرية بمراجعة أولويات أجندتها الدولية كي تتفاعل بنجاح مع هذه التطورات، وكان علي رأس هذه التحديات الأزمة المالية العالمية وما نشأ عنها من تحركات دولية وإقليمية داخل إطار منظمة الأممالمتحدة وخارجها بهدف احتواء آثارها السلبية علي الاقتصاد العالمي بجميع جوانبه بما فيها حركة التجارة العالمية. وقال العرابي في تصريحات خاصة ل"روزاليوسف": بدون شك فإن مصر وإن نجحت إلي حد كبير في احتواء تداعيات الأزمة علي الصعيد المصرفي، فإنها تأثرت دون شك نظرًا لتداخل جوانب الاقتصاد العالمي وتشابكها، إلي جانب اعتماد اقتصادنا الوطني علي مدخلات متغيرة كإيراد قناة السويس وارتباطه بانخفاض حركة النقل العالمية نتيجة الركود الذي ضرب معظم الأسواق، والسياحة التي ترتبط بمعدلات الدخل وفقدان الوظائف، وتحويلات المصريين بالخارج. إضافة لذلك فقد شهدت صادرات مصر ووارداتها التقليدية تذبذبًا هائلاً في أسعارها كما حدث في أسعار الطاقة ومشتقاتها وأسعار الحبوب والمنتجات الغذائية بل السلعية بشكل عام، الأمر الذي كان له أبلغ الأثر في قيام وزير الخارجية بتكليف الوزارة تعديل أولويات اهتماماتها بحيث تنصب علي متابعة هذه التطورات وتقييمها ونقلها لمختلف الوزارات المعنية في مصر، إلي جانب التفاعل مع أهم المبادرات التي طرحت علي الصعيد الدولي في ثلاثة مجالات محددة هي سياسات الطاقة وأمنها بما في ذلك سياسات تسعيرها وتسويقها إلي جانب التوجهات العالمية الجديدة باستغلال الطاقات المتجددة، والأمن الغذائي بما في ذلك مبادرات إنشاء منتدي دولي لمنتجي ومستهلكي الحبوب، وقضايا البيئة والتغير المناخي البالغة الأهمية التي ترتبط بشكل مباشر بموضوعات الطاقة وصحة الإنسان، وغني عن التنويه بأن هذه المجالات الثلاثة ترتبط ببعضها بشكل وثيق كما أنها تصب كلها في خانة التنمية الاقتصادية والبشرية. وعلي صعيد التفاعل مع المبادرات العالمية فقد حققت مصر مكاسب سياسية مهمة بمشاركة الرئيس مبارك في قمة الدول الصناعية الثماني الكبري في روما، ومرة أخري في قمة الغذاء بروما، وبرئاسة سيادته لقمة حركة عدم الانحياز بشرم الشيخ، وفي القمة العربية الاقتصادية الأولي بالكويت، وغيرها من المحافل الدولية والإقليمية التي عنيت بمعالجة تداعيات الأزمة المالية العالمية وأهم تحديات العصر، كما شاركت مصر بنشاط علي المستوي الوزاري في جميع المحافل المعنية بالطاقة وأمنها، وفي المحافل الاقتصاية الناشئة كتجمع الدول الثماني النامية D-8 وتجمع الG-15 وضمن مجموعة ال77 داخل الأممالمتحدة وفي إطار المنظمة الدولية ذاتها التي نظمت قمة رفيعة المستوي لمعالجة الأزمة العالمية، كما أسهمت مصر بنشاط في إنشاء وكالة دولية للطاقة المتجددة "إيرينا" التي تتخذ من الإمارات مقرًا لها، وأخيرًا في قمة كوبنهاجن للتغير المناخي للحد من الانبعاثات الكربونية. وانسجامًا مع هذه المساعي استهدفت الزيارات الخارجية للرئيس خلال عام 2009 تحقيق مكاسب اقتصادية لمصر، حيث قام سيادته بزيارات لمختلف العواصم الكبري شملت كل مراكز صنع القرار الدولي سواء في الدول الغربية أو الآسيوية علي السواء، المتقدمة منها والنامية، انصبت كلها علي ترسيخ دور مصر كقوة إقليمية فاعلة في محيطها العربي والأفريقي والمتوسطي، إلي جانب تحقيق مكاسب اقتصادية وتنموية بالغة الأهمية. وأخيرًا نود الإشارة إلي أن القدرة علي التغيير والسرعة في تعديل الأولويات تعد من أهم عناصر أي دبلوماسية ناجحة، إذ إنها تبقي في النهاية أداة لتحقيق المصالح العليا لكل بلد، ومرآة لقدرة كل مجتمع علي الانفتاح علي العالم والتفاعل مع متغيرات العصر وتحدياته.