في غضون أسبوع واحد تراجع الإيرانيون خطوتين.. الأولي حينما أعلن الرئيس الايراني احمدي نجاد ان ايران قبلت مبدأ اعادة تخصيب اليورانيوم منخفض التخصيب في الخارج، ولا يهم الكمية التي سيتم اخراجها من اليورانيوم الايراني لاعادة تخصيبه 004 أو 005 كجم أو أكثر، وهو ما يعني أن طهران تبدي استعدادا للنظر في الرقم الذي قالت انها ستعيد تخصيبه في الخارج، أو الرقم الذي تطالبها به الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهو 0021 كجم، وذلك لتطمئن الدول الستة "الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الامن والمانيا" الي مد اجل قدرة ايران علي صناعة القنبلة النووية لمدة عام. اما التراجع الايراني الثاني فقد جاء علي لسان وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي حينما قال ان بلاده لا تعارض تبادل الوقود النووي مع الغرب في تركيا، وهو الامر الذي سبق ان رفضته طهران حينما عرضته عليها كل من تركيا ود.محمد البرادعي المدير السابق للمنظمة الدولية للطاقة الذرية. وتأتي هذه التراجعات الايرانية في ظل طوفان من التصريحات الرسمية الايرانية التي تؤكد ان ايران لن تتراجع عن برنامجها النووي، وأنها سوف تمضي قدما في تخصيب اليورانيوم، وأنها سوف تبني نحو عشرة مواقع جديدة لهذا الغرض، بل وسوف تقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة 02٪ مادام الغرب يفرض عليها حصاراً ويرفض مدها بالوقود النووي الذي تحتاجه. كما ان ذلك اقترن بردود قوية علي التهديدات الامريكية والاوروبية بفرض مزيد من العقوبات علي ايران بعد انتهاء المهلة الممنوحة لها والتي لم يتبق منها سوي بضعة أيام قليلة، هي آخر أيام لعام 9002. وهكذا.. لهجة التحدي التي اكتست بها تصريحات المسئولين الايرانيين لم تمنع ايران من تقديم التراجع تلو الآخر.. بل آن هذا التراجع صاحبه محاولة للانفتاح علي عدد من الدول العربية وتخفيض حدة التصريحات الايرانية المعادية للعرب قليلا، ويمكن في هذا الاطار فهم الهدف الاهم وليس الرسمي من زيارة علي لاريجاني رئيس مجلس الشوري الايراني لمصر.. ايران ذاتها تسعي الي قدر من التهدئة لتدفع الولاياتالمتحدة وحلفاءها الأوروبيين لمد اجل المهلة الممنوحة لها التي ستنتهي بعد أيام، وذلك بهدف تعطيل أو تأجيل فرض عقوبات جديدة عليها، ولاعطاء الروس والصينيين مبررات مناسبة للاعتراض علي هذه العقوبات، وفي ذات الوقت فان ايران تستثمر الي اقصي مدي علاقاتها التي نجحت في نسجها في المنطقة والادوات والاوراق التي راكمتها لكي تقنع امريكا وأوروبا ان اتخاذ مزيد من العقوبات علي ايران سيؤدي الي مزيد من الاضطراب وعدم الاستقرار في المنطقة بما يؤذي مصالحها فيها. إنها ذات اللعبة الايرانية القديمة التي تمارسها منذ سنوات.. لعبة شد الحبل مع الامريكان والاوروبيين.. انها حريصة علي استمرار هذه اللعبة لأطول وقت ممكن.. وخلال هذا الوقت تحرص علي الا ينقطع هذا الحبل.. ولذلك حينما يرخي الامريكان والأوروبيون الحبل قليلا يشده الايرانيون من جانبهم، واذا عاد الامريكان والأوروبيون لشد الحبل مرة أخري يقوم الايرانيون بإرخاء هذا الحبل. وهي لعبة تكسب الايرانيين وقتا يحتاجونه لتحقيق تقدم يخططون له في برنامجهم النووي، حتي يقايضوا هذا التقدم باعتراف امريكي واوروبي وروسي وصيني بدور خاص لهم في المنطقة.. ان نجاد لم يكن يهذي وهو يقول قبل ايام ان ايران هي مصدر الهام لكل العالم.. انه ومعه عدد من القادة الايرانيين يعتقدون ان الدور الاول والاهم في المنطقة يجب ان يكون لايران.. وبالتالي يجب الغاء كل الادوار الاخري، خاصة الدور المصري والسعودي بل والتركي ايضا.. وهذا هو السبب الرئيسي للشكوك العربية الايرانية.