رداًعلي سؤال طرح ضمن استقصاء للرأي نظمته صحيفة هاآرتس في تل ابيب منذ بعضة أيام، حول لماذا لا يحب الإسرائيليون أوباما؟.. قال دكتور مارتن أيندك مستشار الرئيس الأمريكي للشئون الخارجية "لأنه سافر إلي القاهرة والرياض وأنقرة قفزاً علي إسرائيل"، وأيضاً لأنه طلب من حكومة نتانياهو "وقف البناء في المستوطنات" تحت شعار العمل علي ايجاد حل شامل لملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. حتي الآن لا تشير الدلائل المطروحة في الساحة إلي قرب زيارة أوباما لإسرائيل ، بعضهم يقول في مايو القادم وبعضهم يراها قبل ذلك.. لكن هناك العديد من المؤشرات الدالة علي تراجع واشنطن عن الكثير مما بدا في شهر يونيو الماضي أنها مصممة عليه.. غالبية التقارير الأوروبية تجزم أن تل أبيب لم يكن لها دور يذكر في تحقيق هذا التراجع ، بل الجهد كله في رأيها يعود إلي اللوبي اليهودي الأمريكي الذي استطاع أن يعادل وجهات النظر التي يطرحها مستشارو الرئيس وأقطاب مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية ، ثم يتفوق عليها.. ركز اللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة خلال الستة أشهر الماضية علي قضية أساسية هي أن " السلام في الشرق الأوسط يمر عبر تلبية مطالب الشعب الإسرائيلي " وليس عن طريق الشعوب العربية أو الإسلامية !! وحرصوا علي التذكير بأهمية العلاقة الحميمية المفتقدة بين رئيس الوزراء الاسرائيلي والرئيس الامريكي، هي وحدها الكفيلة بتخفيف حدة التوتر بين الجانبين كما حدث أيام أيزنهاور وريجان.. ورفضوا بكل قوة تأييد الخلاصات التي قالت إن مواقف نتانياهو المتشددة هي التي ساهمت في توسيع الفجوة بين الطرفين ، مؤكدين أن فشل الإدارة الأمريكية في بناء الثقة هو الذي جرد رئيس الوزراء الإسرائيلي من القدرة علي اتخاذ قرارات صعبة مثل التنازل عن بعض أراضي المستوطنات".. وحذروا من أن نتانياهو لو خُير بين الخضوع لصيغة السلام التي يطرحها باراك أوباما وبين استمرار حكومته "لفضل الاحتفاظ بكرسي رئاسة الوزارة".. لم تقتنع إدارة البيت الأبيض بأهمية قدوم نتانياهو لزيارة واشنطن بناء علي دعوة رسمية من باراك أوباما، وإن كانت ترحب بتفهمه لإطار سياستها تجاه إيران وسوريا.. وهي ما زالت عند رأيها فيما يتعلق بتحسين علاقاتها بالدول الإسلامية وبتعزيز مصالحها في العالم العربي، مع الاعتراف بأولوية الحلف الاستراتيجي الذي يجمعها وإسرائيل.. هذا التضاد هو الذي دفع واشنطن إلي الإعلان عن قرب إزاحتها الستار عن اقتراح جديد يهدف إلي إحياء مسيرة السلام المرحلية بعد إن وصفت مقترحاتها السابقة بأنها "عبثية وغير قابلة للتطبيق"، وبعد أن استطاعت تل أبيب أن تعترض عليها جملة وتفصيلاً وتقول لها "لا" بملء فمها !! دون أن تتأثر مكانتها بين الأحزاب التي تعارض سياستها في الداخل أو يثور ضدها الفلسطينيون في الأراضي المحتلة في الضفة او القطاع.. إدارة الرئيس أوباما تريد أن تحرك مسيرة سلام إسرائيل مع الجانب الفلسطيني لكي يتوافر لها عدد من الأوراق التي تأمل أن تساعدها في استكمال إطار خطوتها التالية مع دمشق التي سهلت ولادة الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري ومع حماس التي التزمت بوقف إطلاق الصواريخ لعام كامل.. وحكومة نتنياهو تريد أن تحركها أيضا ولكن دون أن تفقد تحالفها اليميني المتشدد الذي يدعمه اتحاد رؤساء المستعمرات/ المستوطنات من جهة وتحالف الزعامات الدينية من جهة أخري .. أما اللوبي اليهودي الأمريكي فيعمل علي تقليل شُقة الخلاف بين الطرفين وفق احتياجات تل أبيب قبل انتخابات مجلسي النواب والشيوخ التي ستجري في الولاياتالمتحدة بعد عشرة أشهر من الآن لكي يرتب أوراق ملف تعامله مع باراك اوباما فيما لو فكر في الترشح مرة ثانية لمنصب الرئيس .. من هنا جاءت المقترحات التي تناولتها الصحف الأمريكية والإسرائيلية طوال الأسبوع الماضي، والتي يؤكد المراقبون الغربيون أنها ستحظي بموافقة تل ابيب ورام الله.. باختصار وفي حدود ما نشر حتي الآن .. أ تنسحب إسرائيل من مساحة إضافية من المناطق التي صنفتها إتفاقية أوسلو ب"ب" والتي ما زالت تخضع لسيطرتها الأمنية ، وتتحول بموجب اتفاق مع السلطة الوطنية إلي أراض ملحقة بالمناطق "أ" التي تخضع حالياً لإشراف وإدارة تلك السلطة مدنياً وأمنياً ب بعد توافر اشتراطات حسن النية لدي الطرف الفلسطيني وثبوت قدرته علي إدارة شأن هذه الأراضي المضافة "أمنيا" بشهادة مراقبين أمريكيين، يتفق الطرفان علي أنسب السبل لتحقيق انسحاب إسرائيل عسكريا من ما مساحته 20 ٪ من اراضي الضفة ج تتفق واشنطن مع الطرفين علي جدول زمني لكلتا الخطوتين د بعد نجاح كل طرف في الالتزام بما تعهد به، تبدأ مفاوضات الحل النهائي الأمر المؤكد أن الرئيس أوباما ينوي ممارسة ضغوط مكثفة علي الطرفين !!.. وفي هذا الخصوص تقول التعليقات الأوروبية إن نتانياهو تعهد بالاستجابة لما سيتعرض له من مساومات خاصة بعد أن عاني إلي حد ما من جفاء البيت الأبيض لفترة لم تكن في الحسبان كما أشارت صحيفة يديعوت (18/ 12) وتعهد أيضاً بأن يستعين بقوي اليمين والوسط في اسرائيل - الرافضة لهيمنة اليمين المتشدد السلبية لكي يقلل من حجم التحركات العدائية التي بدأت تعاني منها حكومته وأشهرها أمر الاعتقال الذي صدر مؤخراً في حق زعيمة المعارضة تسيبي ليفني التي كانت تستعد لزيارة العاصمة البريطانية.. علي الجانب الفلسطيني لم يتعهد أحد بالاستجابة للضغوط الأمريكية لأن أبومازن ما زال مصراً علي عدم الترشح للمنصب الرئاسي وليس هناك رهان مؤكد علي خليفته .. لكن الرأي الغالب أن من سيكون علي رأس السلطة في الأشهر القليلة القادمة، سيجد صعوبة شديدة في رفض تقديم الإدارة الأمريكية لخطاب ضمانات ينص علي انتقال مساحات من الأرض إلي إدارته وفق بنود اتفاقية أوسلو يعقبها انسحاب من 20 ٪ من مساحة الضفة وفق تقدم المفاوضات المرحلية بين الطرفين!!.. [email protected]