انقسم الإخوان المسلمون علي أنفسهم واختلفوا فيما بينهم فانقسموا إلي تيار إصلاحي وآخر محافظ وانتقل الخلاف إلي صراع علي المناصب حتي القيادية منها. الإخوان المسلمون في أزمة حقيقية، وهم لم يعد لديهم المقدرة علي إخفاء المشاكل الداخلية والتكتم عليها لأن الخلافات صارت كبيرة وصارت أشد من التعتيم أو الردود والتفسيرات الدبلوماسية التي كان يطلقها بعضهم للحفاظ علي كيان الجماعة. فمنذ ثمانين عامًا هي عمر هذه الجماعة التي حظرتها القوانين والدولة لم تشهد خلافات ومشاكل وصراعات كالتي تعيشها الآن جماعة الإخوان المسلمين فمن فشل إلي فشل آخر سواء ما تعلق باستقالة المرشد العام لهم أو الصراع علي خلافته أو تجديد الخطاب أو تشكيل حزب سياسي أو العودة إلي العمل الاجتماعي الذي قامت عليه الجماعة من الأساس أو من السقوط المتتالي لجماعة الإخوان المسلمين في النقابات خاصة نقابة المحامين. كل ذلك يؤكد أن الجماعة في أزمة كبيرة وحقيقية وقد بدأت الأزمة في رأيي حين اتجهت الجماعة إلي النشاط السياسي وحادت عما قامت من أجله كجماعة مدنية تؤدي خدمات اجتماعية وقد تطور الخلاف داخل الجماعة من الصراع الداخلي الذي تفرضه السياسة والاشتغال بها إلي أن وصلت الخلافات والصراعات إلي المناصب الداخلية للجماعة علي كافة المناصب بدءًا من منصب المرشد العام وهو المنصب الروحي للجماعة إلي المناصب الأخري كما حدث مؤخرًا حتي علي المستوي الأقل بين الكوادر والأعضاء العاديين. وقد لمسنا هذا الخلاف وذلك الصراع علي مستوي النقابات وترشيح الأعضاء المنتمين للجماعة ووضوح الصراع علي اختيار الكوادر في كل المحافظات فرأينا لأول مرة انقسامًا علنيا بين أعضاء الجماعة وخلافا علي الاختيار من بينهم أو من حيث التأييد لمرشحين بأعينهم وانفراد البعض منهم بالقرار دون الرجوع إلي رأي الجماعة. إن الإخوان المسلمين في أزمة حقيقية باعتراف أمينها العام ونائب المرشد أو أعضاء مكتب الإرشاد - ولكن السؤال الجدير بالطرح في هذه المرحلة والجدير بالدراسة هو من المسئول عن أزمة الإخوان المسلمين وهل سيلقون باللوم علي النظام أم علي أجهزة الدولة فلقد أعجبني تصريح الأمين العام محمود عزت باعترافه بوجود أزمة حقيقية داخل جماعة الإخوان المسلمين ولكن لم يعجبني إلقاء المسئولية علي الأمن، لأن الجماعة منذ بدأت من عشرات السنين وهي في صراع مع الدولة ومع أجهزة الأمن وذلك ليس أمرًا خفيًا - فلماذا لا يعترف الإخوان بالأسباب الحقيقية لانهيار جماعتهم واهتزاز منظومتهم واحتدام خلافاتهم التي أري جازما أن سبب كل ما فيه الجماعة هو الممارسة داخل الجماعة ذاتها وأنها تعيش حالة ما كانت تتهم به الدولة من عدم ممارسة الديمقراطية وعدم الشفافية والصراع علي المناصب الداخلية مما كشف الجماعة للرأي العام فيما يتعلق بمبادئ الجماعة وممارسات أعضائها علي كافة المستويات، فأين الديمقراطية التي تتشدق وتنادي بها الجماعة وأين الشفافية في الاختيار والجماعة تتخبط في أسلوب اختيار مرشدها. وما إذا كان من مكتب الإرشاد أو من خارجه أو من خارج الجماعة كما صرح الأمين العام للجماعة نفسه - أمين ديمقراطية الجماعة - من خلافات أعضاء مكتب الإرشاد بالكامل علي توزيع الأدوار والمناصب. وأين ديمقراطية الجماعة وهم مختلفون حتي علي أسلوب اختيار وانتخاب المرشد العام وأعضاء مكتب الإرشاد عصب الجماعة ومنظرها ومديرها! إنني أري أن طوق النجاة للجماعة وملاذها الأخير هو تشكيل حزب وفق القوانين المعمول بها والاندماج في المجتمع والمشاركة في حزب معترف به، فلسنا في زمان العمل السري لأنه ببساطة لم يعد في هذا الزمن بآلياته ومستحدثاته وإدارته شيء سري فهل يخرج الإخوان من كهوفهم ومعتقداتهم القديمة إلي النور للمساهمة في تنمية ونهضة بلدهم أم سيظل صراعهم مع أنفسهم وصراعهم مع الدولة علي حساب الوطن.