بقلم جدعون ليفي نقلاً عن صحيفة هاآرتس الاسرائيلية لا يوجد في إسرائيل من يرغب في أن يري تسيبي ليفني خلف القضبان. ليس لطيفا أيضا التفكير بأنها، ومسئولين إسرائيليين كبار آخرين، لن يكون بوسعهم السفر إلي أوروبا. ولكن أضواء التحذير الحمراء التي تصدر عن العالم، وهو صدور في نهايته من شأن أحد ما أن يعتقل، يجب أن تثير رد فعل آخر غير رد الفعل الإسرائيلي العدواني والأعمي. إلي أين وصلنا؟: ليفني لا يمكنها أن تسافر الآن إلي بريطانيا وإلي عدة دول أخري وكأن بها رئيس السودان. فهذا ليس (فقط) العالم، بل (أيضا) نحن. التهديد بالاعتقال أصدرته أكثر الدول تنوراً. وقد فعلت ذلك ما إن تبين لها أن إسرائيل لا تحقق مع ذاتها، ألا يكفي هذا كي يهتز المجتمع في إسرائيل وأن يدفعه إلي أن يوجه كشافاته أيضا إلي صورته هو، بدلا من توبيخ نصف المعمورة؟ وزارة الخارجية أصبحت وزارة الغضب، ولكن لا يوجد ما يدعو إلي توبيخ السفير البريطاني حيث في بلاده يوجد فصل للسلطات بالضبط مثلما كان يوجد ما يدعو إلي توبيخ بعض من زملائه: السفير التركي وبخناه بسبب مسلسل تليفزيوني، والسفيرة السويدية وبخناها بسبب تقرير في صحيفة والنرويجية وبخناها علي احتفالها بمناسبة 150 عاماً علي ميلاد كبير كتابها. إسرائيل لا تري حدبتها البشعة التي علي ظهرها. وبدلا من أن نوبخ نصف العالم حان الوقت لأن ننظر إلي أنفسنا: فلعلنا نحن أيضا مخطئون؟ كم سخيفاً، كرجل دعاية، بدا سفير إسرائيل في لندن، رون بروشاور، حين قال هذا الأسبوع إن "للإنجليز مشكلة" وسخر من "الصورة التي تبدو عليها بريطانيا". وبالفعل، رغم أقواله المتعالية الدارجة، لدينا نحن بالذات مشكلة مع الصورة التي تبدو فيها إسرائيل. ليس فقط العالم كله ضدنا، نحن أيضا ضد كل العالم: إسرائيل تعمل ضد مقاييس العالم الجديد. في خطاب تلقي جائزة نوبل للسلام في أوسلو عدد الاسبوع الماضي الرئيس الأمريكي باراك أوباما الشروط الثلاثة للحرب العادلة: وسيلة أخيرة للدفاع عن النفس، استخدام متوازن للقوة وامتناع أقصي عن المس بالمدنيين. وحتي لو كان هناك جدال في مسألة إذا كنا استوفينا الشرط الأول في "رصاص مصبوب" (الاسم الذي أطلقته إسرائيل علي حربها في غزة)، التي جلبت علينا أوامر الاعتقال والتقارير القاسية، فمن الصعب إثبات أن الهجوم علي غزة استوفي الشرطين الآخرين: لم يكن فيه استخدام متوازن للقوة ولم يتم فيه ما يكفي لمنع المس بالمدنيين. وعليه، فإن العالم الجديد لا يري، وعن حق، في "رصاص مصبوب" حربا عادلة. علي إسرائيل أن تستوعب ذلك. وهي لا يمكنها أن تخترع لذاتها مقاييس لذاتها. فلا توجد أخلاق إسرائيلية وأخلاق دولية. أخلاق الحرب هي واحدة فقط وهي تعرض في القانون الدولي الذي يلزم إسرائيل، ولكنها تعمل المرة تلو الأخري علي انتهاكه من اقامة المستوطنات وباقي بشائع الاحتلال وحتي "رصاص مصبوب". (نحن قلنا) الجهاز القضائي في بريطانيا "مشوه"، تقرير جولدستون "كاذب"، امنستي "لا سامية" و(منظمة هيومان رايتس ووتش) "معادية". وحتي لو قبلنا بهذه الحقائق الموهومة، التي تبنيناها لأنفسنا بشكل تلقائي كيف لا يسترق إلي قلبنا الشك في أنه قد يكون هناك شيء ما في أقوالهم؟ كيف حصل أننا نقبل بحكم الهيئات الدولية هذه بشأن دول أخري فأحد لم يشجب هنا أداء النائب العام الدولي ريتشارد جولدستون في يوغوسلافيا أو في رواندا أو تقارير امنستي عن السودان وفقط عندما يدور الحديث عنا نرفض أن نقبلها؟ وكيف حصل أن النبذ المخجل لإسرائيل لا يثير هنا التفكير بأنه قد تكون لنا أيضا مسئولية عن الوضع الناشئ؛ وأن ليس فقط جولدستون مذنب، بل أيضا إيهود أولمرت، إيهود باراك وغابي اشكنازي. وحتي لو افترضنا أنه لم ترتكب جرائم حرب: أحد ما يتحمل علي الأقل مسئولية رفض التحقيق والتدهور الخطير في مكانة إسرائيل. يتعامل العالم مع إسرائيل بمقاييس متشددة. هكذا ينبغي أن يتصرف تجاه من يري بنفسه جزءاً من أسرة الشعوب. إسرائيل تستمتع جدا بمكانتها ك"الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط"، ولكن هذا يترافق مع ثمن أيضا. أي منا لا يريد أن يتعامل معه مثل إيران، كوريا الشمالية أو حماس. علي هذا ينبغي دفع ثمن بالإيفاء بالمعايير المتشددة. بعد سنة من الهجوم علي غزة إسرائيل حتي لم تكلف نفسها عناء التحقيق فيها كما ينبغي، مثلما يطالب العالم. بعد سنة، ولا توجد في إسرائيل أي ترددات أخلاقية بشأن مدي القتل والدمار. في مثل هذا الوضع لا يمكن أن نتهم العالم الذي يحاول أن يوقظنا من سباتنا الاخلاقي. كان ينبغي لنا أن نكون أول من يفعل ذلك. ليفني ليست جديرة بأن تكون في السجن البريطاني، ولكن فيما يخص مسئوليتها حول المس الميئوس منه بمكانة إسرائيل يجب أن تقدم الحساب، هنا. ليفني المتنورة كان ينبغي لها أن تكون أول من تدعونا إلي إجراء حساب نفس حقيقي في أننا بتنا نشبه السودان. وجه شبه واحد بات يوجد بين الدولتين: في كلتيهما يحاولون تجاهل موقف العالم والاستهتار به.