تعاني العملية التعليمية في مصر من تدهور شامل بسبب عدم الاهتمام بأهم عناصرها المتمثلة في المعلم والذي يفتقد إلي التدريب المتواصل حتي يواكب الأسس التعليمية المتطورة وينقلها إلي تلاميذه الذين هم نواة الغد وحلم المستقبل.. إلا أن الحقيقة خلاف ذلك فالمعلم يحتاج إلي مزيد من إصقال خبراته ورفع مهاراته والارتقاء بمستواه المهني من خلال الدورات التدريبية داخل مصر أو البعثات العلمية للحصول علي درجات علمية أكبر من الدول الأوروبية لأن ذلك من شأنه الارتقاء بمنظومة التعليم ككل يشير د. أحمد حجي - عميد كلية التربية جامعة حلوان سابقا - إلي أن تدريب المعلم والارتقاء بمستوي المهنة عنصر مهم لتطوير التعليم للوصول إلي مستوي متميز لذا نجد أنه في بعض الدول الأوروبية يحصل المعلم علي ترخيص لمزاولة المهنة لمدة لا تتجاوز 3 سنوات ومن أجل تجديد الترخيص مرة أخري لابد أن يخضع إلي تدريبات معينة للاطلاع علي الأساليب الحديثة التي تم استحداثها في مجاله سواء في طرق التدريس أو أي تغيير في النظام المعمول به ثم اجتياز نهائي علي أساسه يتم التجديد له إذا كان يصلح للتجديد له أم في حاجة إلي مزيد من التدريب وبالطبع هذا الأسلوب لابد من الاتجاه إليه للتأكد من مدي صلاحية المعلم للاستمرار أو التوقف ليتم إعادة تدريبه ورفع مستواه. برامج تدريبية ويلفت د. حجي إلي أن وزارة التربية والتعليم لديها العديد من البرامج التدريبية التي يفترض أنها تخضع المعلم إليها للتدريب في عمله من مدرس مساعد إلي معلم وحتي معلم أول ومع إنشاء الاكاديمية المهنية للمعلمين منذ سنة تقريبًا أصبحت عملية التدريب للمدرسين محكومة أكثر ووفقًا لبرامج تدريبية متقدمة ويلفت د. حجي إلي أن المعلم يحتاج إلي تدريب مدي الحياة ويخضع ذلك تحت علم يسمي تعليم الكبار وله خصائصه.. وإذا كان هناك اتهام إلي المعلم بضعف مستواه فهذا غير صحيح فهناك العديد من المعلمين الملتزمين بالتدريب والحريصين عليه. كما يضيف: أن إرسال بعثات من المدرسين للخارج أمر مهم لتوسيع مداركهم وإطلاعهم علي الأساليب التربوية الحديثة.. ويوضح د. محمد عبدالظاهر الطيب عضو المجلس القومي للتعليم بالمجالس القومية المتخصصة.. أن أهمية التدريب في أي مهنة كجزء من التنمية البشرية والوصول بأي شخص يعمل في أي مجال إلي أعلي مستوي تدريب في حين أن المعلم أكثر إنسان في حاجة إلي تدريب مستمر بحيث يصل إلي أعلي أداء من الناحية المهنية إلي جانب عدم إغفال تنمية مهاراته العامة فلها انعكاس مهم علي الجانب المهني. خطأ كبير وينوه إلي أن الخطأ الكبير الذي كانت تقع فيه وزارة التربية والتعليم في التدريب هي استخدام كبار المعلمين من مفتشين في التدريب ولكن قد بدأت تندارك هذا الخطأ منذ فترة وبالتحديد مع إنشاء الاكاديمية المهنية للمعلمين وخاصة أن لها فروعا بالمحافظات إلي جانب الاستعانة ببعض المعلمين الحاصلين علي درجة الدكتوراه في الوزارة بالتدريب ويصل عددهم إلي 8 آلاف معلم.. ويكشف د. الطيب أن التدريب قد يكون شكليا ولا يأخذه البعض علي محمل الجدية.. كما يشرف علي التدريب في وزارة التربية والتعليم وأيضا البعثات أفراد غير متخصصين وهذا الأمر يؤدي إلي إهدار الميزانيات المخصصة لهذا الأمر وعدم جدواها قد يتضح هذا الأمر أكثر في البعثات حيث معظمها لم تأت بمردود إيجابي علي الرغم من انفاق ميزانيات كبيرة عليها وذلك لوجود مشكلة من الأساس في النظام التعليمي لابد من حلها ثم التفكير بعد ذلك في إرسال المدرسين إلي الخارج لتلقي خبرات خارجية بحيث يكون النظام المطبق ليستطيع استيعابها. وعن البعثات الخارجية.. قال الدكتور كمال مغيث.. رئيس معهد البحوث التربوية إن مصر لن تتقدم تعليميا إلا عن طريق البعثات والتي كانت بدايتها بعثة رفاعة الطهطاوي.. وحتي عصر الدكتور حسين كامل بهاء الدين، وزير التعليم الأسبق والهدف من البعثات هو أن يري المعلم طرق تدريس ومناهج وأساليب مختلفة وأكثر تطورا.. وتعتبر إنجلترا والولايات المتحدة هما أكثر الدول التي يمكن أن يتلقي فيها المعلم المصري التدريب والخبرة والمعرفة وذلك للتركيز علي اللغة الإنجليزية. وأكد مغيث أنه علي الرغم من حصول عدد لا بأس به من المعلمين علي هذه البعثات في الوقت الحالي إلا أنها تبقي حبرا علي ورق دون تطبيقها علي أرض الواقع.. وأرجع السبب إلي عدم توافر معامل لتطبيق ما اكتسبه المعلم من خبرة ونقلها للتلاميذ.. بالاضافة إلي اصابة معظم المعلمين بالاحباط المعنوي والاضطراب النفسي لمقارنتهم بين واقعهم في مصر ووضع المعلم في الدول المتقدمة.. وطالب بأن تكون البعثات والدورات الخارجية والداخلية بشكل دوري ومستمر.. بحيث ينعكس بشكل إيجابي علي التعليم داخل مصر.. وأشاد بدور أكاديمية مبارك للتدريب للارتقاء بمستوي المدرس.. وأهمية تدريب المعلم لأن ذلك ينعكس علي المستويات التعليمية للطلاب. وكان للدكتور محمد المفتي - أستاذ التربية بجامعة عين شمس رأي مخالف في البعثات الخارجية حيث أكد أن معظم المعلمين الذين يذهبون للبعثات يطبقون ما يكتسبونه من خبرة فور عودتهم حيث الحماس الذي يتميزون به منذ البداية واعتبر أن البعثة لدول العالم الأول مثل إنجلترا، والولايات المتحدة وأحيانا فرنسا تكون أكثر افادة عن باقي الدول، حيث إن مصر يجب أن تلجأ للبلدان الأكثر تقدما تعليميا للاستفادة من تطورها وتقدمها والتكنولوجيا الحديثة والمهارات والمعلومات علي الداخل المصري يشير إلي أن هناك معايير يتم علي أساسها اختيار المعلم لانتدابه للبعثة أهمها مراعاة التقديرات السنوية في الأداء والأقدمية بجانب نجاحه واجتيازه الاختبارات التي تؤهله للنجاح في الحصول علي البعثة. إعداد المبعوثين وعن إعداد المبعوثين والتكلفة السنوية.. قال الدكتور.. رضا أبوسريع وكيل أول وزارة التعليم العالي.. تقدر تكلفة الفرد بحوالي 12.350 جنيه استرليني.. ويبلغ عدد المبعوثين لهذا العام 200 معلم ومعلمة وبذلك تكون التكلفة الاجمالية للبعثات حوالي 2.470 مليون جنيه استرليني.. وتقدر هذه التكلفة علي حسب الخطاب الذي نرسله للدولة التي سيتلقي فيها المعلم البعثة وهي بدورها ترسل لنا تكلفة المعلم ماديا.. من اقامة وتنقلات وتعليم.. وتوفر الحكومة الميزانية ويكون الاشراف من قبل وزارة التعليم العالي. وأهم الجامعات التي يتلقي فيها المعلم البعثة أو التي يرسل إليها المعلمين هي.. جامعة إنجلترا نور تميريا وأدنبره وإيست إنجليا، وذلك للحصول علي درجة الماجستير.. وحدد مدة البعثة 9 أشهر يتم فيها تعليم المبعوث في مجالات اللغة الإنجليزية والرياضيات وذوي الاحتياجات الخاصة.. ورياض الأطفال.. وقد تم تعاون مشترك بين مصر وإنجلترا في مجالات طرق التدريس وأساليب التعليم وأسلوب التقويم والمناهج الدراسية.. وتم ارسال 22 معلما ومعلمة لجامعة أدنبرة لتعليم اللغة الإنجليزية و36 معلما ومعلمة لجامعة إست إنجليا في اللغة الإنجليزية الرياضيات و52 لجامعة استراتكليد في تخصص إنجليزي رياضيات، علوم و82 لجامعة نور ثميريا في إنجليزي علوم رياضيات.. ورياض الأطفال.. والتربية الخاصة.