ظهرت في الآونة الأخيرة ظاهرة جديدة تمثل حلقة من حلقات استغلال حاجات الشباب والفتيات للزواج من قبل مكاتب التزويج، وهي دليل شريك الحياة، وهذا الدليل ببساطة يضم أسماء فتيات وشباب بمواصفاتهم وأعمارهم السنية وتليفوناتهم يبحثون جميعًا عمن يشاركهم الحياة الزوجية ليحصل من يشتري هذا الدليل علي كتاب يشبع احتياجه في البحث عن شريك أو شريكة الحياة، وتتفاوت أسعار تلك الأدلة بين 100 و500 جنيه، وبعض هذه الأدلة يظل بها أسماء وتليفونات فتيات تزوجن ويتسبب ذلك بالعديد من المشاكل.. الأمر الذي يتطلب طرح هذه الظاهرة علي علماء الدين وأساتذة القانون والاجتماع لمعرفة جميع آثار هذه الظاهرة من جميع جوانبها. بداية تقول الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: إن هذه الطريقة للإعلان عن الزواج يمكن أن تستغل بطريقة خاطئة يكون بها ابتزازًا للمرأة، كما تنعدم السرية في مكاتب وأدلة الزواج مما يجعلها مخالفة للشرع الإسلامي الذي وضع طريقًا شرعيا للتعارف في ظل الأسرة الذي يكون واضحًا وبعيدًا عن أي تزييف. كما تري الدكتور عفاف النجار عميدة كلية الدراسات الإسلامية بنات بالأزهر: أن استخدام الكتب في الإعلان عن الزواج ما هو إلا تجارة لا علاقة لها ببناء أسرة حيث إن التعارف والزواج لابد أن يكون بين الأهل وليس عن طريق الكتب والإعلانات والجرائد مؤكدة أنه عندما توضع بيانات للأشخاص بمثل هذه الأدلة فإنه لا بد أن يكون هناك شيء من المصداقية وهذا غير محقق، لذلك لا داعي من الأصل لعرض مثل تلك البيانات التي تخص الأعراض. كما يتفق الدكتور إبراهيم الخولي أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر مع أن أدلة الخروج تمثل واحدًا من أساليب الاسترزاق، وطريقة لا تصلح لأن تكون صورة لتعارف إنسان بشريك حياته، حيث إن الغرض منها ليس تأدية خدمة اجتماعية وإنما التربح، معتبرًا أن الأساليب التقليدية الخاطبة أشرف بكثير من الإعلان عن الزواج في الكتب، خاصة أننا في عصر كثرت فيه الفتن وتساءل: ماذا سيكون موقف امرأة متزوجة ذكر اسمها في كتاب الإعلان عن الزواج؟. وأكد الخولي أن هذه الطريقة تشبه الشريط المتحرك الموجود أسفل شاشة التليفزيون. حيث يوجد من يستخدمها استخدامًا سيئا وغير لائق ووراءه نفوس دنيئة ومستهترة كإعلان أحدهم عن طلب تعرفه بفتاة مواصفاتها كذا وكذا، ويرجع هذا إلي سهولة الطريق للإعلام الذي يسهل الكشف عن الرغبة للاشخاص التي تكون وراءها نية خبيثة. كما يقول دكتور عبدالمعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية: إن الزواج الشرعي والطبيعي لا يتم إلا بعد التعارف الشخصي والتخير، تخير العروس والعائلة والبيئة والوسط المحيط، ودليل الزواج والأشياء السريعة لا تصلح لبناء أسرة وهذا ما يفسر احصائيات الطلاق المرتفعة، وكما قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - تخيروا لنطفكم صدق رسول الله - صلي الله عليه وسلم - أي الأمر به زيادة اختيار وتأن، مؤكدًا أن أدلة الزواج يمكن أن تؤخد وسيلة للتسلية للفاسقين والفاسقات وهو ليس السبيل الملائم لتكوين أسرة وانجاب أطفال وقيام البيت الإسلامي الهادي السعيد. وعن وجهة النظر الاجتماعية توضح الدكتورة إنشاد عز الدين أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية أن الزواج سر من الأسرار وعلاقة مقدسة تتطلب صدق الطرفين في الزواج واستخدام مسألة أدلة الزواج لا يتناسب مع هذه العلاقة، وخاصة إذا تقدم إنسان غير جاد للسير واكمال العلاقة فإن ذلك سيعرض الطرف الثاني إلي الابتزاز لأن الطرف الآخر يأخذه علي سبيل التسلية، وتضيف إن دليل الزواج هو نوع من المتاجرة بالآم الناس وأوجاعهم وتعيب علي من يقبل علي مثل هذه الأدلة لأنه عن طريقها يضع الإنسان نفسه عرضة للتدليس والابتزاز. يقول دكتور حسانين عبيد أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق إن استخدام مثل هذه الأدلة به شبهة النصب وذلك إذا كانت هناك معلومات مغلوطة تنشر بها كأن تنشر بيانات متزوجة أو مطلقة لم تنته عدتها أو بيانات خاطئة تخص الديانة، لذلك يعتبر القائمون عليها مشتركين في النصب فتقع جريمة النصب إذا ثبت أن الواقعة كاذبة فتقع عقوبة النصب مبدئيا وهي الحبس من 24 ساعة إلي 3 سنوات مع الغرامة.