أسماء جهانغير هي (المقررة الخاصة المعنية بحرية الدين والمعتقدات) بالأممالمتحدة.. وبالتالي فهي المنوط بها الدفاع عن حق حرية الاعتقاد الديني علي مستوي دول العالم المختلفة. ولقد أعجبتني كثيراً تصريحاتها التي أعربت فيها عن أسفها بخصوص تصويت السويسريين علي قرار يحظر بناء مآذن جديدة. ولقد أكدت بوضوح أن هذا الحظر يعتبر تمييزا ضد أعضاء الجالية المسلمة في سويسرا. وقالت عبارة بليغة فيما يخص حرية الاعتقاد بأن لديها مخاوف جدية حول التأثير السلبي لنتيجة هذا التصويت علي حرية التعبير عن الدين والمعتقدات لأعضاء الجالية المسلمة في سويسرا. وهو ما يعني أن حرية الاعتقاد حق لكل مواطن أياً كان دينه وأياً كان موقعه علي خريطة الكرة الأرضية. وهو ما أكدت عليه قبل شهر تقريباً لجنة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان حيث قالت إن هذا الحظر يخالف التزامات سويسرا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. ذكرت أسماء جهانغير ملاحظة مهمة في تصريحاتها حينما قالت إنه لا توجد مجتمعات محصنة ضد عدم التسامح الديني. وهو ما يتطابق مع تلك الصحوة الأصولية علي مستوي العالم، وهي ليست صحوة أصولية دينية فقط، بل سياسية أيضاً. وهو ما يدعو إلي أهمية التوعية بأهمية التعددية الدينية والتنوع في المجتمعات. في تقديري.. إن المخاوف التي يشعر بها أعضاء الجالية المسلمة في سويسرا هي نفسها المخاوف التي تشعر بها أي أقلية دينية أو عددية علي مستوي العالم وفي أي دولة.. وهي نفسها المخاوف التي يشعر بها المسيحيون العرب في الدول العربية. وما سبق.. يعني أنه يجب أن يتم تبني دعوة لنشر ثقافة التعددية الدينية وثقافة التنوع الديني في الدول لكي لا يتم استثمار تلك الإجراءات التمييزية سواء علي المستوي السياسي أو علي مستوي أنها تمثل انتهاكاً للحريات الدينية. لقد اتخذت دولة الفاتيكان (المسيحية) موقفاً حضارياً حينما تضامنت مع موقف رجال الدين المسيحي في سويسرا، الذين اعتبروا هذا الموقف.. يمثل ضربة قاسية لحرية المعتقد في سويسرا.. وانعكاساً لحالة عدم التسامح والتوجه نحو قمع الأديان. أغفل المجتمع السويسري أن سويسرا قد صادقت علي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص علي اتخاذ التدابير اللازمة لحماية حرية الدين والمعتقدات للجالية المسلمة في بلادهم. ولقد ترتب علي قرار المجتمع السويسري حالة من الانقسام في الرأي داخل دول الاتحاد الأوروبي بقدر أكبر بكثير من خارجه.. لدرجة تعجب البعض من الدول الأوروبية بقيام سويسرا بطرح هذا الأمر من الأصل للاستفتاء الشعبي. وهو ما يؤكد أنه يمكن استخدام الوسائل التي تعبر عن المبادئ الديمقراطية لترسيخ حالة من التطرف والتشدد. وهو ما يعني أيضاً أن أمر حرية الاعتقاد لا يرتبط بإصدار قوانين.. بقدر ما (يرتهن) بتنفيذ القانون وتيسير الإجراءات والقرارات.