لا أقصد بعنوان المقال الإجابة المباشرة عن تعريف مفهوم التسامح؛ بقدر ما أهدف إلي الاستطراد في توضيح كل المعاني المرتبطة بالتعصب والتشدد والتطرف التي تقف علي النقيض تماماً من مفهوم التسامح.. وفي نهاية الطرف المقابل له. ويمكن أن نعرض لبعض تلك الصفات، علي غرار: - الإنسان الذي لا يسامح نفسه، ويعتمد علي جلد الذات له ولغيره. - الإنسان الذي لا يسمع غير نفسه. - الإنسان الذي لا يقبل الاختلاف مع رأيه وفكره. - الإنسان الذي يعتقد أنه دائماً علي صواب وغيره علي خطأ. - الإنسان الذي يتخيل أنه وحده صاحب الحقيقة المطلقة. - الإنسان الذي لا يقبل النقد البناء. - الإنسان الذي لا ينصت لمن حوله. - الإنسان الذي يعتبر نفسه متدينًا وغيره كافر. - الإنسان الذي يسمح بإهدار كرامة غيره. - الإنسان الذي يرفض الحوار والتعاون. - الإنسان الذي يرفض التنوع الديني والفكري والسياسي. - الإنسان الذي لا يهتم سوي بمنفعته الشخصية. - الإنسان الذي يعلي من قيمة الدين عن قيمة الوطن. - الإنسان الذي يقوم بتمييز غيره واستبعاده وتهميشه. - الإنسان الذي يرفض معرفة غيره علي حقيقته وكما هو وليس وفق تصوراته الافتراضية. من الواضح - قطعاً - أن الإنسان هو العامل المشترك في كل ما سبق، أما الصفات هي المتغيرة.. لأنها صفات مكتسبة من خلال التربية والتنشئة والأسرة، والمناهج التعليمية، ووسائل الإعلام. وبالتالي، يمكن نشر مفاهيم التسامح لو كانت هناك نية حقيقية لذلك. وهو ما يعني أيضاً أنها صفات وقيم متاحة للجميع. ومن الواضح أيضاً، أن التعصب والتطرف والتشدد له درجات، وهو يبدأ بالفكر، وينتهي بالقتل والتصفية الجسدية. كما أنه يمر بالعديد من التصرفات والإجراءات التي تمثل قمة الانتهاك لمبادئ حقوق الإنسان. كما أذكر أن العديد من تلك التصرفات تتم بشكل لا يمكن رصده. إن التسامح الحقيقي يبدأ من الإنسان نفسه، ويتصاعد تدريجياً في دوائر متتابعة للأسرة وللمجتمع وللدين وللوطن بأشكال متعددة. وهو ما نلمسه عند الكثير من الأشخاص بدون أن يكون لديهم الوعي الكافي بما سبق، وعند القليل من النخبة المثقفة الحقيقية. بالمناسبة، يحتفل العالم اليوم بيوم التسامح العالمي حسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 15/ 59 الصادر في 21 ديسمبر سنة 6991 بمبادرة من منظمة اليونسكو. وبالطبع.. لم يهتم أحد بهذا الأمر.