نشرنا مؤخرا موضوعا عن مجمع الفنون بالزمالك قصر عائشة فهمي، الذي كان واحدا من أهم مراكز الفن في مصر، ويحتضن عددًا من الفعاليات الفنية المهمة، والآن تحيط العديد من علامات الاستفهام بالقصر، بعد طول فترة إغلاقه التي امتدت لنحو أربعة أعوام ونصف العام، بحجة الترميم، لم تقتصر علامات الاستفهام علي طول مدة الترميم وعدم عودة القصر أو مجمع الفنون كما هو متعارف عليه تشكيليا، حيث ظهرت مفاجأة أخري، وهي أن القصر لا يزال محل نزاع بين الورثة من جهة وبين الحكومة ممثلة في وزارة الثقافة من جهة أخري، وهو ما قد يعني اختفاء اسم المجمع من خريطة الحركة التشكيلية نهائيا، إذا لم يتم حل هذه الأزمة قريبا. واستكمالا لمتابعة ملف قصر الفنون، توجهت روزاليوسف إلي المحامي كريم علي عاصم، المصفي القضائي لتركة السيدة عائشة فهمي صاحبة القصر، وهو أيضا أحد الورثة، حيث إن السيدة عائشة فهمي هي شقيقة جدته. قال كريم عاصم: ما نشر بصفحة الفن التشكيلي في صحيفة روزاليوسف بتاريخ الأحد 18 أكتوبر 2009، علي لسان مدير المجمع مجدي عثمان أن الجهة المالكة للقصر هي قطاع الفنون التشكيلية كلام ليس دقيقًا، فلم تشتر أي جهة في مصر قصر عائشة فهمي حتي الآن، ولا يزال القصر ملكا للورثة، وذلك مسجل بالشهر العقاري، وأتولي أنا واللواء حمدي عز الدين مهمة المصفين القضائيين لتركة المرحومة عائشة فهمي، حيث أنني واحد من 68 فردا آخرين، هم ورثة القصر. وعن تاريخ القصر تحدث عاصم قائلا: شيد علي فهمي باشا شقيق عائشة القصر، علي الطراز الكلاسيكي، وبعد وفاته اشترت عائشة نصيب أخواتها في القصر ليكون ملكاً لها، بمبلغ 72 ألف جنيه في يوم 6 مايو عام 1924، بعقد مسجل رقم 1641 في المحكمة الابتدائية بمصر، وتزوجت السيدة عائشة فهمي من الفنان الراحل يوسف وهبي، وعاش معها في القصر لسنوات طويلة، توفت في عام 1962. وأضاف: صدر قرار جمهوري عام 1958 بنزع ملكية القصر، لاستخدامه كقصر جمهوري، ثم صدر قرار آخر في 28 مايو 1964 باستيلاء الدولة علي القصر بموجب القانون رقم 33 لسنة 1964 بشأن المنفعة العامة، لإقامة فندق سياحي مكانه، ولكن لم يتم تنفيذ مشروع الفندق. وتابع عاصم: ثم لحقه قرار جمهوري جديد برقم 164 صدر في 12 فبراير عام 1973 بشأن اعتبار نزع ملكية قصر المرحومة السيدة عائشة فهمي للمنفعة العامة، وتخصيصه متحفاً لمجوهرات أسرة محمد علي، ولم ينفذ هذا القرار أيضا، وإنما أصبح القصر يتبع وزارة الثقافة منذ ذلك العام، وبالتالي خرج القرار الجمهوري عن نطاقه القانوني وحرم الورثة من الانتفاع بالقصر. وأكمل: وبعد صدور قرار تخصيص المكان للمتحف في 13 فبراير 1973، ورد في مذكرة أن وزارة الثقافة استلمت مجوهرات أسرة محمد علي، ووضعتها في خزانات البنك المركزي، وتنتظر تنفيذ مشروع المتحف، لكن جهات كثيرة رفضت تحويل القصر إلي متحف، ورأت أنه غير آمن لأنه يطل علي النيل، فتم تحويله إلي مجمع للفنون، وبالتالي اشتركت وزارة الثقافة في النزاع القانوني، وفي تحملها لجزء من التعويض للورثة، باعتبارها انتفعت من القصر، وتم الطعن من قبل الورثة في القرارات التي لم ينفذ منها أية مشروعات منفعة عامة، ثم صدر حكم من المحكمة لصالح الورثة بأحقيتهم في التعويض المادي استنادا للقانون رقم 577 لسنة 1954، الذي ينص علي أن الجهة التي استولت علي العقار تتحمل دفع التعويض المناسب، وأن تكون هناك أجراءات قانونية لنزع الملكية، وهي وضع نماذج موقعة في الشهر العقاري من قبل الورثة، تتنقل بمقتضاها الملكية من الأفراد إلي الدولة، ومن جهة الدولة تودع أيضا في الشهر العقاري قيمة التعويض المناسب عن الضرر، وإبلاغ الورثة لاستلامه. وأضاف: توجهت لجنة لمعانية القصر لتقدير قيمته، في 9 يوليه 2000 وأرفقت اللجنة بمحضر المعانية صورا فوتوغرافية عن القصر وحالته البنائية المعمارية والشكلية، لتقدير قيمة التعويض، مقدرة قيمة القصر بما فيها سعر الأرض بالمتر، وقيمة البناء المعمارية، وأيضا قيمة الانتفاع بالمكان، الذي يخص وزارة الثقافة، وبدأ احتساب التعويض المادي من تاريخ 28 مايو 1964 إلي 9 سبتمبر 1977 مضافا إليه نسبة 5٪ عن السنة من قيمة الأرض ومباني العقار، ثم من تاريخ 30 يوليه 1981 ارتفعت النسبة لتصبح 7٪ عن السنة، ومن 30 يوليه 1998 إلي 4 ديسمبر 2000 ارتفعت النسبة لتصل إلي 10٪، ثم صدر حكم قضائي في جلسة بتاريخ 25 سبتمبر 2007 بتحديد قيمة التعويض بمبلغ واحد وسبعين مليون وثلاثمائة وواحد وثمانين ألفاً ومائتين وخمسين جنيهاً مصري، وتم الطعن في قرار التعويض من قبل الحكومة، ولا تزال القضية متداولة أمام محكمة الاستئناف، في انتظار جلسة 12 ديسمبر المقبل، وبعد 45 عاما من قرارات نزع الملكية وحتي الآن، يعد الورثة هم مالكي القصر، وهذا يعني أن القصر لم تنقل ملكيته للدولة، ما لم تودع قيمة التعويض في المحكمة.