مني عروس سورية من منطقة جبل الدروز، من قرية مجدل شمس بمرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل منذ 1967، تستعد للزواج من ابن عمها "طلال"، المقيم في دمشق، تعبر الحدود بفستان الزفاف، بين مشاعر الفرح والحزن، لأنها تعلم أنها لن تستطيع رؤية أهلها بعد اليوم. هذا باختصار المشهد الدرامي الذي تدور حوله قصة "العروس السورية" التي تعالج موضوع الهوية تحت الاحتلال في الجولان، وأخرجها في فيلم سينمائي طويل الإسرائيلي عيران ريكليس، الذي شارك الفلسطينية التي تحمل الجنسية الإسرائيلية سهي عرّاف "من عرب إسرائيل" في كتابة النص، وحاز الفيلم جوائز عالمية عديدة بعدما عرض لأول مرة في إسرائيل ديسمبر 2004، إلا أنه من حينها واجه صعوبة في الوصول إلي الدول العربية، رغم عرضه في نطاق ضيق في مراكش وعمّان، لكنه مؤخرا دخل مصر منتصف الشهر الماضي، عندما عرض الفيلم ضمن مهرجان للأفلام بالمركز الثقافي الفرنسي فرع الإسكندرية. يقول عيران: "أقول دائماً إنني أعيش في إسرائيل، ولكنني صانع أفلام لا يؤمن بالحدود"، إلا أنه يبدو تصريحا غير مقنع للمعارضين للفيلم لمجرد أنه "صنع في إسرائيل"، غير أن نص الرواية يتبني الموقف القائل بتفاهة النزاع علي الحدود وابتذاله، والبيروقراطية التي يتعامل بها طرفا الصراع. لا تصل المعالجة السينمائية للنص إلي حل للتناقض الذي يطرحه الفيلم، بين التفاؤل والتشاؤم بشأن مستقبل الاحتلال، أما ريكليس فيدافع عن وجهة النظر هذه، ويعتبرها تقديراً وإجلالاً لفكرة "التشاؤم" التي أطلقها الكاتب الفلسطيني إميل حبيبي، ويري أن لها أهمية قصوي في تفهم منطقة الشرق الأوسط بالتحديد. صرّح ريكليس لقنوات إعلامية بأنه اختار مكان حدوث القصة فيما يسمي ب"الاحتلال اللطيف لمرتفعات الجولان"، لأنه شعر أنها تمثل قضية الشرق الأوسط برمّتها، متجنبًا باعترافه النزاع الفلسطيني الإسرائيلي: "وفّرت علي نفسي محاولة التنافس مع الأخبار" كما يقول ريكليس، ويتابع: "إذا نظرت إلي الأمر بسذاجة، يمكن القول بأننا مثال جيد للتعاون بين اليهود والعرب". أما الأصوات المؤيدة للرواية تراها "تبين الشجاعة المطلوبة من أجل اجتياز الحواجز النفسية والحدود السياسية التي تفصل بين عائلات وشعوب"، وتمتدح في المخرج أنه يتحدث عن المجتمع العربي دون آراء مسبقة أو محاكمات أو شعارات، ولذلك تبدو صورة العربي في الرواية مقبولة وإنسانية لدي المؤيدين، أما الرافضين فيزعجهم اقتصار اهتمام ريكليس علي معاناة السكان لا المعضلة السياسية، ويرون أنه لا يحمل رسالة سياسية صريحة أو يتبني موقفا سياسيا مع أو ضد، وصاحبه لم يمتلك الجرأة الكاملة لعرض القضية كما هي في الواقع.