يشكو معظم الآباء من أن القراءة تسبب مشكلة لأبنائهم، إذ إن الأبناء من الجيل الجديد لا يحبون القراءة ولا يقبلون علي الكتب ولا علي المجلات.. ويفضلون المعلومات السهلة التي تأتي إما عن طريق التليفزيون بأقماره الصناعية وقنواته التي لا حصر لها، أو عن طريق النت بمداخله السهلة في البحث ومعلوماته سهلة الهضم والاستخدام.. وفي الجامعة تتكرر الشكوي ولكن علي مستوي مختلف.. فإذا كان الآباء يعترضون علي أن أبناءهم لا يقرأون فتصبح ثقافتهم ضحلة، فإن الأساتذة يعترضون لأن الطلاب لا يقرأون الكتب والمراجع الدراسية فلا يتعلمون.. والمشكلة هنا أكبر.. إذ إن جانبا كبيرا من عملية التعلم يعتمد علي القراءة حتي في المجالات العلمية والمعملية.. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تحل الملخصات والأوراق ضعيفة المستوي محل المراجع والكتب الأصلية.. ولحل مشكلة القراءة ودفع الطلاب الجامعيين لممارستها ولو بطريقة محدودة، كان الأساتذة يلجأون لطلب كتابة الأبحاث وجعلها جزءاً من المادة وتخصيص بعض الدرجات لمن يقوم بعمل البحث.. وكنا في وقت مضي نسمع الأساتذة يقولون إن دفع الطالب للبحث وقراءة أجزاء ولو قصيرة من المراجع هو تجربة لا بأس بها وخبرة جيدة للطلاب حتي وإن قاموا بنقل المعلومات في أبحاثهم.. أما الآن فلا تصلح هذه الطريقة علي الإطلاق.. بل إن الطلاب ينتعشون حين يطلب منهم الأستاذ عمل بحث.. فما أسهل أن يفتح الطالب الكمبيوتر، ثم النت، ثم يكتب في نافذة البحث عنوان الموضوع المراد.. وحالا تظهر الآلاف بل الملايين من المواقع التي ما عليه إلا أن يقصد بعضا منها ويستولي علي فقرات من هنا ومن هناك وبعملية بسيطة تدعي (copy) ثم (paste ) ينتهي البحث الذي قد يتكون من عشرة إلي عشرين صفحة!! وأجمل ما في الأمر أن الطالب الذي اجتهد وقام بالبحث لم يقرأ منه أكثر من سطرين من بداية كل فقرة!! والحقيقة أن للمشكلة أساسين لا نتطرق لأي منهما عندما نتحدث عنها.. أولهما هو أن القراءة لا وجود لها في التعليم الأساسي في مدارسنا.. فلا يوجد عندنا ما يسمي واجب القراءة.. كل واجباتنا المدرسية (كتابة)، أو (حفظ وتسميع).. والعجيب والمثير للدهشة بل والمخيف أيضا أننا في دروس (القراءة) لا نقرأ بل نحفظ.. وفي امتحانات القراءة تكون الأسئلة علي جزء من الدروس المحفوظة وليست فقرات قراءة حرة يقرأها الطالب ثم يجيب عن أسئلة تقيس فهمه لما قرأه.. وهو نظام لا يوجد مثله في العالم كله.. والأساس الثاني للمشكلة هو أن الأستاذ في الجامعة لا يفرض علي الطلاب الجامعيين الدراسة عن طريق القراءة ولا يطلب منهم قراءة فصل محدد من مرجع أو كتاب ثم مناقشتهم في محتواه في الأسبوع التالي مثلا.. ولو أن هذا النظام الدراسي معمول به في كل جامعات العالم بلا استثناء.. يجب أن نشجع الأبناء علي القراءة بكل الوسائل المتاحة، بل وندفعهم إليها دفعا..