مما لا شك فيه أن عذرية الفتاة هي مفتاح سعادتها في مجتمعاتنا ولا يمكن لأي إنسان في مجتمعنا أن يقول بأن الفتاة حرة في هذا الأمر، أو أنه يمكن أن نخالف ديننا وتقاليدنا بالقول أن غشاء البكار أمر ثانوي في الزواج بالفتاة التي لم يسبق لها الزواج من قبل. ومع ذلك فإن مسألة التأكد من هذا الغشاء علي مر القرون الماضية لم يكن محل اهتمام الأسر قبل الزواج أو حتي عند الإقدام علي الزواج حيث أن الزواج كفيل بكشف الأمر، لكن مع ظهور وانتشار عمليات الترقيع وفقدان بعض الأطباء ضميرهم، ومع ظهور الغشاء الصيني وجدنا من ينادي بأن تكون هناك شهادة عفة تطالب بها الفتاة قبل الزواج لتؤكد أنها بكر وأن غشاء بكاراتها مازال طبيعيا لم يتم مساسه، وهو أمر في الحقيقة يخالف أمر الإنسان في الحفاظ علي كرامة المرأة. إن علي من ينادون بأن يكون هناك شهادة عفة أن ينظروا إلي المسألة بشكل آخر وهو أن المرأة أو الفتاة سيئة الخلق لن يمنعها أمر غشاء البكارة عن الإنحراف فقد تظل الفتاة منحرفة مع حفاظها علي غشاء بكارتها لحين الزواج وبعد الزواج تنطلق لفعل المحرمات كما تشاء. وبعيدا عن معاهدة سيداو الدولية التي وقعت مصر عليها والتي تحظر هذه الفحوصات المهينة، فإن الأمر ليس بحاجة لفرض أمر يحمل الاتهام لكل فتاة لحين ثبوت براءتها إن أرادت الزواج، وإنما نحن بحاجة لتفعيل قيمنا وتعاليم ديننا في نفوس بناتنا من مراقبة الله، وانتظار الحب الحقيقي عند الزواج، ولا مانع أن نصدر قوانين ولكن لتجريم الترقيع لغير حالات الاغتصاب التي يثبت فيها الحادثة ويعرف فيها الجاني. كما ينبغي علي علمائنا ألا يجعلوا من موضوع شهادة العفة ساحة للحديث فيما بينهم لنري من يوافق وآخر يرفض، فمفتي الأردن امتنع عن إصدار أي فتوي تتعلق بخصوص حكم الشرع الإسلامي وموقفه من فحص الفتاة لعذريتها قبل الزواج وقال إن القضية قضية حساسة فلماذا لا يمتنع علمائنا من الاختلاف في هذا الأمر الذي قد يطال بناتهم أو أخواتهم اللاتي لم يتزوجن بعد ويطلب منهن تلك الشهادة المهينة؟ خاصة وأننا في النهاية أمام قضية أخلاق وليس أمام قضية عذرية. والمسألة ببساطة أن الإسلام لا يوجد فيه مايجعل إثبات العفة والبكارة شرطا لإتمام عقد الزواج لأنه بطبيعة الحال ينطق لفظ البكر أثناء عقد الزواج فإذا وجد الزوج غير ذلك فله أن يطلقها، لكن أن نجعل هناك شهادة عفة للفتاة ونتعرض للأعراض بطريقة غير سوية، وهو منهي عنه، فليتق كل إنسان ربه في الحديث عن الأعراض، ولا يجعل منها مادة للتسويق الإعلامي أو مجالا للخلاف.