أنا اسمي (مصري) عائد إلي الفيوم بعدما انتهيت من عملي في القاهرة.. ودائما أستقل قطار الفيوم الذي يقوم من محطة مصر في ميعاد مناسب لي بعد انتهاء العمل.. ولكنني كنت منهكا اليوم فلم أستطع السير طويلا علي رصيف المحطة فجلست في أول عربة قابلني بابها، أي آخر عربة في القطار.. واليوم هو يوم السبت الذي يكون فيه القطار غير مزدحم بصورة كبيرة لأن كثيرين من معتادي السفر اليومي في هذا القطار يأخذون يوم السبت إجازة مع الجمعة.. ومع هذا دخلت القطار فوجدته مزدحما بالنسبة ليوم السبت.. وبعدما جلست، تحرك القطار وأنا أحلم بالعودة لزوجتي وأطفالي لأنعم ببعض الراحة قبل حلول اليوم الجديد والسفر والعمل مرة أخري.. لقد تعودت علي السفر اليومي.. قد يكون شاقا بعض الشيء، ولكنك تستمتع بالخضرة في بعض الطريق وبالبلاد الصغيرة في أجزاء أخري منه.. ولكن ما الذي يحدث؟ القطار يتوقف بعنف شديد.. إذا كنا في العربة الأخيرة وكدنا نرتطم ببعضنا البعض، فكيف حال الناس في العربة الأولي؟ الحمد لله اني جلست في هذه العربة. بدأ المسافرون من حولي يتكلمون عن حادثة.. يقولون إن القطار صدم مواشي وتوقف لهذا السبب.. يا للكارثة سنتأخر طبعا.. تري متي يمكن أن نتحرك؟ ومتي سنصل إلي الفيوم؟ جاءني صوت (سالم) زميلي في السفر يدعوني للنزول من القطار لنري الحادثة ونعلم ما حدث بالضبط.. ولكنني قلت له أن يتركني أستريح ويذهب هو يستطلع ويعود لي بالأخبار.. لم أدر بنفسي بعد لحظات من نزول سالم من القطار.. غفوت بسرعة شديدة.. يبدو أنني منهك جدا جدا.. وفي حلمي رأيت حادثة!! هل هي حادثة قطارنا الذي صدم الماشية؟ لا يبدو أنها حادثة أخري.. فالقطار السريع آت من خلف قطارنا، من ناحية العربة التي أجلس أنا بها.. لماذا لا يبطئ من سرعته؟ ألا يرونا؟ ألم يبلغهم أحد أننا معطلون علي القضبان؟ ألم يعرفوا أننا بالفعل في حادثة؟ ربما أنا أحلم حلما خرفا لأنني متعب.. لا يمكن أن يحدث هذا في الواقع طبعا.. كنت أفكر في مدي سخافة حلمي وإذا بي أشعر بصدمة عنيفة ثم ظلام حالك وأصوات صرخات وأنا لا أري شيئا.. أشعر بأنني طرت ثم وقعت.. هل اصطدم بنا القطار السريع؟ هل يعقل هذا؟ ليس معقولا أن يكونوا قد تركوه يصدمنا هكذا؟ ولكنني لا أشعر بأطرافي.. وكأن كل جزء من أجزاء جسمي قد ذهب في مكان مختلف.. هل تبلغ سخافة الحلم أنني قد تقطعت إربا؟ ولكن الظلام الحالك لا يساعدني علي رؤية يدي ولا رجلي.. لا.. كفي.. أنا أود أن أصحو من هذا النوم المظلم.. متي سيأتي (سالم) ليضربني بقسوة بيده الثقيلة علي كتفي ويصيح في وجهي: (اصح يا مصري.. وصلنا بلدكو.. اصح يا مصري.. العيال مستنياك).. [email protected]