حالة من التخبط والقلق يعيشها تجار سوق أثر النبي بعد صدور قرار بنقله إلي مدينة 15 مايو علي مساحة خمسة أفدنة.. القرار هو الثالث من نوعه بعد أن أصدرت محافظة القاهرة قرارين بالنقل عامي 2004 و2006 ولم تنفذ أيا من القرارات الثلاثة.. فالسوق التي أنشئت منذ مائة عام علي مساحة 90 فدانًا لخدمة ميناء أثر النبي جعل موقعها الفريد والمتميز مطمعًا للجميع، حيث يؤكد تجار السوق وجود أيادٍ خفية وراء إصرار المحافظة علي نقل السوق وأن النية ليست خالصة لخدمة أغراض التوسع بالميناء بل يشوبها انتفاع بعض المستثمرين بأرض السوق بعد إخلائه. أحمد أبوالغيط، تاجر أعلاف بالسوق: يقول نعمل في المنطقة "أبًا عن جد" وأخذنا الأرض عام 1956 كتعويض عن مقر السوق الحقيقي الذي كان يوجد مكان شرطة مصر القديمة الحالي، فجزء الأعلاف بالسوق به 24 شونة و18 محل بيع بالتجزئة وأخذنا الأرض منذ ذلك التاريخ مقابل حق انتفاع يتجدد كل عام. وعن عملية النقل قال: صدر قرار عام 2004 للنقل لمدينة العبور مقابل دفعة تعاقد المحل 200 متر بمائة ألف جنيه و300 متر ب150 ألف جنيه بخلاف نفقات التكلفة فرفضنا وبعد ذلك صدر قرار النقل إلي "15 مايو"، إلا أننا نرفض هذا القرار أيضًا لأنه يعتبر "خراب بيوت" لنا وللعاملين معنا وصغار التجار.. وكنا نعتقد أننا سنتملك الأرض، خاصة أننا نعيش بها منذ عام 1956 ومعظم العاملين يعيشون بالمنطقة المحيطة بالسوق وبالتالي يكلفهم قرار النقل مبالغ إضافية ستزيد من ارتفاع الأسعار التي تصل للمستهلك ولذلك قمنا برفع قضية في مجلس الدولة منذ 2004 ما زالت متداولة حتي الآن. وأضاف: سمعنا أن أساس النقل منحة هولندية لتطوير ميناء أثر النبي وتعديل مسار كورنيش المعادي ليصبح اتجاهًا واحدًا. "طارق جابر" تاجر أعلاف يقول: السوق يوجد في مكان بعيد عن الكتلة السكنية كما أنه محدد من كل جهة بسور ويخدم صغار التجار من أول باب الشعرية حتي الصف.. وبالتالي فإن نقله إلي 15 مايو سيزيد من التكلفة عليهم فتزيد الأسعار، كما أن السوق لا يحدث اختناقات مرورية، إلا في جزء الخضار والفاكهة الذين يلقون كثيرًا من مخلفاتهم في النيل وإذا حدث النقل فلماذا ينقلون السوق كله فيجب عليهم نقل الجزء المتسبب بالأزمة. ويعتبر جابر أن المشكلة في أن المنطقة تقع علي كورنيش النيل ولذلك فهي مطمع للجميع. وأضاف: ادفع إيجار 650 جنيهًا شهريا بخلاف البوابات الموجودة علي مدخل السوق والتي تأخذ خمسة جنيهات رسوم دخول للعربات الصغيرة و10 جنيهات للكبيرة منها، وبالتالي فإن السوق مصدر دخل للمحافظة وليس عبئًا عليها. "سامي عبدالله" صاحب محل لتجارة الحبوب يقول: السوق بموقعه الحالي قريب من وسط البلد ومقسم إلي ثلاثة أجزاء الأول للخضار والثاني للفاكهة والثالث للغلال ثم التبن.. كما أن الإيجارات مصنفة نوعين محلات وشون، وأرضيات وقد تم رفع الإيجار خلال السنوات الأخيرة 10 أضعاف فندفع 600 جنيه شهريا، فضلا عن فواتير المياه والكهرباء وبالرغم من ذلك فالسوق لا يوجد بها صرف صحي، إلا في أحد الجوامع الموجودة علي أطرافه وقمنا نحن بإدخالها بالجهود الذاتية. ويري محمد عيسي أن نقل السوق سيظلم كثيرين ممن "يسترزقون" فيه، فالسوق ليس مقصورًا علي التجار الموجودين به بل يوجد عمال المقاهي والمطاعم الموجود بداخله. ويلفت عيسي إلي أن ما يثير الغضب هو أن المحافظة ستبيع أرض السوق للمستثمرين ونكون نحن الخاسرين في هذه العملية كلها. بينما أبدي "قدري عبدالحميد" تاجر خضروات بالسوق تقبله لفكرة النقل خاصة وأنه أحد كبار التجار الموجودين بالسوق والذين لن يتأثروا بقرار النقل كما أن اختيار "15" مايو لتكون مقرًا للسوق الجديد اختيار موفق نظرًا لوجودها من طريق "الاتوستراد" ويمكن من خلاله الوصول لأي مكان داخل القاهرة والصعيد. وأضاف: ندفع مبالغ كبيرة كعوايد بالإضافة إلي وجود فوائد مركبة في حالة التأخير عن دفع هذه العوائد فأنا أدفع ستة آلاف جنيه شهريا كإيجار كما إنني مدين للمحافظة بحوالي "120" ألف جنيه متأخرات بفوائدها المركبة. ولذلك فإن تمليكنا محلات ب"15" مايو أفضل الحلول المطروحة بدلاً من دفع هذه الإيجارات المبالغ فيها، وخاصة مع نقص السيولة لدي التجار الأمر الذي أدي إلي إفلاس كثير منهم. وفي المقابل لا يحبذ "وحيد الضيفي" أحد العاملين بالسوق قرار النقل معتبره يخدم كبار التجار بينما العاملون في السوق سيهضم حقهم وخاصة أنهم يسكنون بالقرب من السوق ونعمل به منذ أكثر من 20 عامًا. وقال: يزدحم السوق في فصل الصيف بسبب شوادر البطيخ فيستقبل يوميا 3 ملايين ثمرة بطيخ يتم دفع 5 جنيهات علي كل 100 ثمرة عند خروجها من بوابات السوق، إلا أن هذه الرسوم التي من المفترض أن تذهب لخزينة الدولة يأخذها الموظفون. ويقول أحمد تغيان صاحب محل لتجارة البطاطس نحن مع النقل إذا كانت الأرض ستخصص لعمل مشروعات خدمية تفيد المصريين أما إذا كان سيتم بيعها للمستثمرين لإنشاء أبراج تطل علي النيل فإننا في هذه الحالة لن نغادر الأرض لأننا الأولي بتملكها وخاصة أننا نعمل ونعيش بها منذ أكثر من 50 عامًا كما أننا مستعدون لدفع ما تريده الدولة من أموال حتي تملكنا الأرض وتقنن في أوضاعنا بدلاً من قرار النقل إلي 15 مايو. "إبراهيم عبدالقادر" يقول: اشتري الطماطم من السوق وأبيعها علي "عربة كارو" بدار السلام ونقل السوق يعني للكثيرين مثلي "خراب بيوت" لأننا يصعب علينا تحمل تكلفة النقل من "15" مايو حتي مكان العربية وإذا اضطررنا للنقل فإنه في هذه الحالة سيتم تحميل أي تكلفة إضافية للنقل علي المستهلك وترتفع الأسعار حيث يزيد "قفص الطماطم" في هذه الحالة من "3:5" جنيهات حسب أسعار النقل وسعر البيع بالجملة! القضية كما يرويها "علاء سعيد" محامي التجار أن القرار تم تعديله ثلاث مرات الأولي في 30 ابريل 2004 ولم يتم تحديد مكان النقل ثم القرار الثاني رقم 1482 في 19 يوليو 2006 بالنقل إلي العبور وبالفعل أرسلت المحافظة إخطارات بالقرار إلي التجار و 1 يناير 2009 لمدينة العبور أيضًا وأخيرًا إلي 15 مايو وأشار إلي أن المنطقة تضم 116 شونة للغلال والبصل والتبن و25 كسارة للبودرة والحجارة و151 شادرًا للخضروات إضافة إلي 67 محلاً ويضم مطاعم ومقاه طبقًا للحصر الذي أعدته المحافظة كما أن الأرض محل نزاع بين محافظة القاهرة وهيئة الميناء النهري وقد قضت الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع التابعة لمجلس الدولة بتاريخ 28 يونيو 2000 بأحقية الهيئة لملكية الأرض. وأضاف أن النقل جاء ضمن خطة لتطوير ميناء أثر النبي في إطار خطة رسمية موضوعة لتطوير النقل النهري داخل مصر.