"ولا تطع كل حلاف مهين. هماز مشاء بنميم مناع للخير معتدٍ أثيم. عتل بعد ذلك زنيم" "الزنيم" مجهول الأصل. وهو الذي لا تعرف أمه أباه، ولا يميز في العاقلة من أهله. والعاقلة هم من يرتبطون بالطفل من جهة الأب.. ولا يربطهم في القرابة أنثي. ويطلق "الزنيم" علي الصغار في مجالس الكبار. والجهال في مجالس العلماء. وهو فاقد الاعتبار.. لمرض أو جنون. وقيل "الزنيم" فاقد الأهلية لمس جان، أو لجهل بيان. والبيان هو اللغة في الشعر، والخبرة في الصنعة، والهوية في النسب. و"الزنيم" ك"اللئيم" صاحب الغرض، المتعفف بلا عفة، المغامر بلا حظوة. الجهول المفترض فيه العلم مع جهله. وفي أحكامه، انه كالأسير إن خان، والضرير إن هان. عم جلال عامر صاحب "تخاريف" المصري اليوم، أسير هان، وضرير خان. تمنع الغلظة له في القول، ويميل الحق عليه في العدل.. لكن بلا جزاء، أو عقاب. السبب في ترك محاكمة الأسير أنه في حكم المستكره المرغم علي شيء لشيء. كان يقتل أملاً في الهروب، أو أن يكذب أملاً في النجاة. فالمستكره هو المضطر إلي ما لا يفهمه، لغرض يعلمه. فلا أثم عليه إن قذف، ولا عتاب عليه إن شتم. عمنا جلال عامر كالمستكره. ليس عليه عقد إن عقد، ولا وعد إن وعد. فالقاعدة أن المستكره يشتم مدفوعا بغرض، ويقذف محفوفا بمرض.. كحقد، أو جنون. ومرض المستكره غرض.. فيشتم طمعا في ظهور، ويقذف أملاً في زهوة. والأسير في حكم المستكره، يسب رغبة في ريادة، ويلعن أملاً في علو بين أهله، وشرف بين ساداته. ويعامل "الضعيف" كالمستكره بنقيض مقصوده. فيحسن إليه بتفويت عقابه، ويمن عليه باجتنابه. اللهم إلا بيان اخطائه إليه.. تهذيبا لسريرته وتذكرة لأهله، وصونا لنفسه من نفسه!! علة عم جلال عامر في مرضه، هوانه علي أهله، وتأخرهم في مهله. والمهل هو التقديم. عم جلال من أصحاب الأعذار، عاني قبل شهور، فكتب في "تخاريف" قصة عموده الذي يحجبونه تارة، وينقلونه تارة. يخفونه أحيانًا، ويظهرونه فترة.. فضج الرجل في أرزل عمره، وبداية طريقه إلي الصحافة. كانوا قد طالبوه بقراءة أكثر، وتدريب. قالوا إن عليه أن يكون أكثر سلاسة، وأقرب لكلام العقلاء. فالجملة المفهومة، والفكرة المهضومة بداية الكاتب "الرصين". لم يفلح.. لكنه اجتهد. بعد فترة قدم عموده للنشر بعد تدريب طويل. "تخاريف" هذه المرة كما اعتقدوا كان أقرب إلي السهولة "رصين". فاعتبروه كاتبا لأنهم "مع الرصين"!