عقدت مكتبة "حنين" محاضرة وأمسية ثقافية بعنوان "القصيدة البصرية.. قراءة تأويلية في شعر سعدي يوسف"، ألقتها الناقدة الأردنية الدكتورة امتنان الصمادي بحضور كلا من الشاعر أحمد الشهاوي، والكاتبة الصحفية نوال مصطفي. في البداية قالت الصمادي: لم أكن أستسيغ شعر سعدي يوسف، ورسالتي للدكتوراه حوله تم فرض موضوعها علي، لذا كانت دراستي محايدة لا مع ولا ضد، وقد هذبت دراستي لأشعاره الكثير داخلي، ولعل الكثير من الطلبة لا يعرفون شيئا عن سعدي يوسف، لأن أشعاره لا تدرس في أي من المراحل التعليمية المختلفة، هو فنان يعيش الحرية بالمعني المطلق لها، صوته الشعري مميز، وقد أدي انتماؤه للحزب الشيوعي في مرحلة ما من حياته، لأن ينظر لهذا الانتماء بشكل فلسفي أكثر منه سياسياً، وإن كنت أري أن قصائده في هذه المرحلة بمثابة بيانات سياسية. وأضافت: أكثر ما يميز حياة سعدي يوسف هو الترحال، فهو من أكثر الشعراء الذين لم يعرفوا الاستقرار، ورغم ذلك علاقته قوية بالمكان لدرجة أنه هو نفسه يتجسد في المكان أينما ذهب، ففي آخر مرة رأيناه فيها كان يرتدي خارطة العراق حول رقبته وقال "أحمل وطني أينما ذهبت"، ورغم غزارة شعره الذي لا يرتكز فيه علي بناء الصورة والاستعارات، ولكنه يعتمد علي المفاجأة، لم يمنعه من الدخول في غمار الترجمة، التي يري البعض أن مساهمته فيها قوية، بينما يراها آخرون أنها ليست بالمستوي المطلوب. وأكملت: لقد كان سعدي من أوائل الشعراء الذين قدموا "القصيدة البصرية"، وإن كان بالغ في استخدام بعض الأشكال البصرية وألوان وأنماط التشكيل، في أحيان كثيرة، بينما برع في استخدام ألوان التشكيل وأبرزها تقنية التفتيت (بعثرة الكلمة أو الكلمات عموديا أو أفقيا)، مثل بعثرته كلمة عراق في إحدي قصائده وكتابته علي شكل "ع ر ا ق"، في إشارة إلي تفتت البلد وتشرذمه، كذلك بعثرته العامودية لكلمة "مشنوقين" في إشارة الي تدلي حبل المشنقة، ومن بين التشكيلات التي لم يوفق فيها، بعثرته للحروف بتكرارها في قصيدة "الزيارة الطويلة"، وبسبب رغبته في نقل فكرة طول مكوث الضيف غير المرغوب فيه في قصيدته المكتوبة علي شكل كرسي، كرر الحروف بصورة نقلت شعور الملل للقارئ. وعن القصيدة البصرية في حد ذاتها قالت الصمادي: حضورها قليل في التراث العربي، إذا ما اعتبرنا أن الموشح شكل بصري اعتمد التغيير، ولعل نشر القصيدة أصبح في حاجة إلي "اسكتش" يتفق مع بنية النص، خاصة أن القصيدة بدأ يكون لها منذ السبعينيات حضور واضح وتراكيب خاصة، فكل هذه الأشكال ترتبط بوعي الكاتب، وتكمن خطورة القصيدة البصرية في تعامل الشعراء معها بصورة سطحية خاصة الشباب، وهو ما سيقتلها سريعا، رغم أن التشكيل البصري يعطي فرصة أكبر للتأمل وتحتاج لذكاء وحرص.