ظهرت الآن، نتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية للبنين والبنات (رابط رسمي)    وزير الدفاع يبحث التعاون العسكري مع نظيره الجامبي    رئيس كازاخستان: تجمعني علاقات ود وصداقة بالرئيس السيسي    حسن الخطيب يلتقي وزيرة التجارة الإسبانية لبحث تعزيز الشراكة الاقتصادية    ارتفاع أسعار كرتونة البيض في المحال التجارية    إعلام عبرى : تعليق المساعدات الإنسانية من الأردن إلى غزة حتى إشعار آخر    مسيرات حاشدة وإضرابات، فرنسا تدخل في موجة جديدة من الاحتجاجات    بعد 75 دقيقة.. الزمالك يحافظ على تقدمه بثنائية أمام الإسماعيلي فيديو    وصول فريق بيراميدز لاستاد الدفاع الجوي لخوض مباراة زد بالدوري الممتاز (صور)    نتائج 4 مواجهات من مباريات اليوم الخميس بدوري المحترفين    السجن المؤبد وغرامة 10 ملايين جنيه، العقوبة المتوقعة على عصابة الأسورة الذهبية بالمتحف المصري    ثورة غضب على سرقة أخصائية ترميم لأسورة أثرية وصهرها، والمصريون: حاكموها بتهمة الغباء    نيشان يكشف موعد عودته للشاشة وهذا ما قاله عن مقابلته مع فضل شاكر    حالة الطقس غدا الجمعة 19- 9- 2025 في محافظة الفيوم    بكين: لن نسمح باستقلال تايوان والعالم بين السلام والحرب    بعد توالي المآسي القومية.. ترامب وأوباما حالة من التناقض (تقرير)    البورصة المصرية تربح 15.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الخميس    الكابينة الفردي ب850 جنيهًا.. مواعيد وأسعار قطارات النوم اليوم الخميس    نائب محافظ الجيزة يلتقى مستثمرى المنطقة الصناعية لبحث المشاكل والتحديات    منتخب مصر يودع بطولة العالم للكرة الطائرة بعد الخسارة أمام تونس    حافلة الزمالك تصل ستاد قناة السويس لمواجهة الإسماعيلى    المقاولون العرب يكشف عن هوية المدرب المؤقت بعد رحيل محمد مكي    "التعليم العالي": التقديم الإلكتروني المباشر لطلاب مدارس التكنولوجيا التطبيقية للقبول بالجامعات    وزير الإسكان ومحافظ الإسماعيلية يتابعان عددا من ملفات العمل المشتركة    ضبط 280 كيلو لحوم فاسدة بأختام مزوّرة في حملة للطب البيطري بسوهاج    أمطار ورياح.. بيان عاجل بشأن حالة الطقس غدا: «اتخذوا كافة التدابير»    سحب 961 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    الاحتلال يغلق معبر الكرامة بعد إطلاق نار في محيطه    ماستر كلاس للناقد السينمائي رامي عبد الرازق ضمن فعاليات مهرجان ميدفست مصر    أشرف عبدالباقي: ظلم ليا الشبه بالزعيم عادل إمام (فيديو)    «هربانة منهم».. نساء هذه الأبراج الأكثر جنونًا    قصة مدينة عملاقة تحت الأرض.. يبلغ عدد سكانها 20 ألف نسمة    استمتع بصلواتك مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    الإمام الأكبر يكرِّم الطلاب الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18-9-2025 في بني سويف    رغم الحرب والحصار.. فلسطين تطلق رؤيتها نحو المستقبل 2050    فيديو.. وزير الصحة: جامعة الجلالة أنشئت في وقت قياسي وبتكليف رئاسي مباشر    نائبة وزير الصحة: نستهدف الوصول بمعدل الإنجاب إلى 2.1 في 2027    «الري»: خرائط لاستهلاك المحاصيل للمياه للوفاء بالتصرفات المائية المطلوبة    فى حوار له مع باريس ريفيو فلاديمير سوروكين: نغمة الصفحة الأولى مفتتح سيمفونية    بينهم رضيع.. إصابة 12 شخصا في حادث انقلاب سيارة أجرة بأسوان    بدء إضرابات واسعة ضد خطط التقشف في فرنسا    "الطفولة والأمومة" يطلق حملة "واعي وغالي" لحماية الأطفال من العنف    النقل تناشد المواطنين الالتزام بعدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه    آثار تحت قصر ثقافة ومستوصف.. سر اللقية المستخبية فى الأقصر وقنا -فيديو وصور    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    10 ورش تدريبية وماستر كلاس في الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب    مورينيو يرحب بالعودة لتدريب بنفيكا بعد رحيل لاجي    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    رئيس اتحاد الصناعات: العمالة المصرية المعتمدة تجذب الشركات الأجنبية    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    سعر الأرز والفول والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    «الأرصاد» تُطلق إنذارًا بحريًا بشأن حالة الطقس اليوم في 8 محافظات: «توخوا الحذر»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما الذي حدث؟
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 06 - 10 - 2009

منظومة القيم وسلم الأخلاق الذي يسود في أي مجتمع هما نتاج طبيعي لتراكم طويل للعادات والتقاليد والثقافة والدين، وبهذا التعريف وحتي بضعة عقود من السنين كانت منظومة القيم وسلم الأخلاق تتميز في مصر بعدة مظاهر بحزمة من السلوك تتمسك بقيم بعضها يمتد إلي مصر الفرعونية وبعضها مستمد من مصر القبطية، وأغلبها نتاج لمصر الإسلامية، وكان مجمل تلك المظاهر السلوكية والأعراف القيمية هي الشجاعة وإغاثة الملهوف والكرم والتسامح والأهم احترام القانون، وحتي وقت قريب كانت عادة التجريس المتوارثة من عهود سابقة مازالت تأخذ مكانها وإن كان قد تغير شكلها، وذلك لكل منحرف وسارق ومرتشي وفاسد.
فكان السارق حقيرا والمرتشي منبوذا والفاسد هو جالب العار لأهله. كانت الأسرة متماسكة ولا تأثير للفقر أو الاحتياج علي هذا التماسك، وكانت القيم والشرف والأخلاق هي مسوغات احترام في المجتمع وعلامات رضا ومصاهرة بين العائلات بعيدًا عن القدرة المالية، كان هناك ما يسمي باحترام الكبير وليس بالضرورة أن يكون هذا الكبير هو الأب، ناهيك عن احترام الوالدين الذي نصت عليه كل الأديان السماوية وغير السماوية، كان هناك احترام للقانون يُحدث انضباطًا في الشارع الاجتماعي لا يلزمه عدد غفير من رجال الأمن بكل رتبهم ودرجاتهم.
وكانت قيمة العمل تساوي الشرف والواجب والحياة، فما الذي حدث للمصريين؟ وما هذا التغيير إلي الأسوأ ولماذا انهارت منظومة القيم وكيف تدنت الأخلاق إلي هذا الحد؟ وما هي الأسباب؟ وما الذي جعلنا نصل إلي هذا التفكك وهذا الانهيار القيمي؟ وما الذي يجعل مصريين بكل أعمارهم يشاهدون في عرض الشارع من يخدش حياء امرأة أو من يتحرش جنسيا بفتاة أو من يقوم بخطف أشياء ثمينة من أحد المارة، ولا أحد يتحرك وكأن الشجاعة ماتت وإغاثة الملهوف تعبير لم يمر علي خاطر، لماذا يتسابق الجميع دون استثناء وفي المقدمة الحكومة ذاتها علي إسقاط القانون وعدم احترام تنفيذ الأحكام القضائية وكأن ذلك شجاعة وكبرياء؟ لماذا تحول التجريس الآن إلي دعاية مجانية تساهم في التصعيد الاجتماعي بعدما كان عارًا ما بعده عار.
فالآن أصبح الانحراف بطولة والسرقة شرفا والرشوة جدعنة والفساد مجاراة للواقع الأكثر فسادًا، ما كل هذا كل الانهيار الأخطر للأسرة المصرية والتي كانت عماد المجتمع. ولماذا هذا الشبق للغني غير الشرعي والآتي بلا عمل ولا عرق بديلاً لكل قيم الشرف والأخلاق؟ لماذا أصبحت المصاهرة الآن مع المالك للمال والقادر علي الفساد والواصل الذي يستطيع تخطي كل الحواجز وفتح كل السدود للوصول لما يريد بعيدًا عن عرف أو خضوع لقانون؟ وكيف غاب احترام الكبير واندثر إكرام الوالدين الذي يطيل حياة الإنسان علي الأرض. وأين الالتزام بالنص القرآني الذي يحض علي احترام الوالدين إلي أبعد حدود الاحترام؟ وكيف وصل بنا الحد إلي أن يقتل الولد أباه وأمه وتقتل الأم ابنها وزوجها ويقتل الزوج أولاده وزوجته؟ أي بشاعة هذه وأي قيم بعد؟ هل هذا وغيره وغيره الكثير والكثير كان نتيجة لتغير العلاقة الاقتصادية واندثار الطبقة الوسطي الاجتماعية؟ هل هذا لسبب البطالة ولتدني سقف الحريات وغياب المشاركة السياسية الحقيقية ومبدأ تداول السلطة ونزاهة الانتخابات؟ هل هذا التفشي ظاهرة الفساد الذي عم وساد في كل الأوساط حتي أصبح وكأن الفساد هو أمر طبيعي ولا غبن عليه؟ هل السبب الواسطة التي تأخذ ممن يستحق وتعطي لمن لا يستحق؟ هل كان لتدني الخدمات التعليمية والصحية والثقافية حتي تم السيطرة للبديل وهو تلك الخدمات الخاصة مما خلق تفاوتا طبقيا وتعليميا وصحيا هي السبب لما نحن فيه؟
هل السبب في تلك الفورة غير المبررة لمالكي الثروات الجديدة من تجار الخردة وأصحاب الوكالات الأجنبية وأصحاب استيراد السلع التموينية والقمح الفاسد والمقاولات والمضاربة علي الأراضي الحكومية والذين تحقق لهم كل هذا من الثروات بتواطؤ صريح أو غير صريح من مسئولين حكوميين؟ هل ما نعيش فيه الآن ضمن أسبابه الهامة والرئيسية تلك الفشخرة التي نراها الآن والتي تمارسها تلك الطبقة الوليدة وغير الأصيلة في التركيبة الاقتصادية والاجتماعية المصرية تلك الفشخرة التي هي أقرب للملهاة وهي في عمق المأساة لأنها تتم وسط بحر من البؤس والفاقة؟ والأهم ألا يوجد تناقض مريع ومرعب لوجود تلك الحالة المأساوية في ظل تلك الحالة عالية الصوت وزاهية اللون من التدين سواء كان هذا علي المستوي الإسلامي أو المسيحي والتناقض هنا كيف تكون تلك الحالة من التدين (إلا إذا كان تدينًا شكليًاولا علاقة له بجوهر الدين ولا بصحيح الإيمان) وفي نفس الوقت تكون تلك الحالة المزرية من الانهيار القيمي والتفكك الأخلاقي، وهنا لابد من مخرج سريع لتلك الحالة المتفاقمة والمتسارعة في انهيار الشارع المصري فالشارع هو صورة مصر، ومصر مازالت أعظم وأجمل وأكبر من الذي يحدث، فهل تكون البداية لدي المؤسسات الدينية وكفي غيابًا عن دورها الديني والروحي، وكفي دخولاً في غير ما تملك وغير ما تقدر وعليها بأداء دورها وفقط حتي لا تتداخل الأمور وحتي نصل إلي مرحلة الإيمان الحقيقي لا التدين الشكلي، والنقطة الهامة الأخري فالقانون مسئولية القائمين علي تطبيقه أولاً، فإذا شعر المواطن بالإصرار علي تنفيذه من جانب المسئولين سيكون ملتزمًا بنصوصه وتعليماته بل يكون مقتنعًا بأن القانون هو مساندة له ضد الظلم والظالمين، فالضعيف بعيد عما سبق وغير القادر يشعر أن القانون لن يفيده وأن حقه لن يسترد بالقانون إذا لجأ إليه، وهنا تدور الدائرة ونظل فيما نحن فيه، فهل هذا في صالح المواطن أو في صالح الحكومة والنظام والأهم هل هذا في صالح مصر كل المصريين؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.