بصرف النظر عما يراه المعارضون للحزب الوطني الديمقراطي فإن الهيكل التنظيمي للحزب وانتشاره فوق الواقع الجغرافي المصري بصورة واقعية يؤكد أنه في القضايا القومية إذا تبني قضية ما وناقشها بمنهج علمي عملي واستقرت في وجدان أعضائه.. من الممكن أن تكون قضية قومية تتم مناقشتها في الأحزاب الأخري وتتم متابعتها.. وفي هذا يتنافس المتنافسون من أجل تحقيق الأهداف ومن أجل مستقبل مصر المكان والسكان. - بعد هذه المقدمة كم ارجو أن تكون إحدي القضايا الأساسية التي تناقش في مؤتمر الحزب الوطني القادم قضية المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات.. مشاركة حقيقية وليست مشاركة مظهرية يتم في ضوئها الموافقة علي ما يعرض من موضوعات.. نظرياً لدي الحزب قواعده الشعبية ونظرياً لدينا علي المستوي الإداري بالقرية والمدينة والمحافظة المجالس الشعبية المنتخبة والذي يمثل الحزب أغلب أعضائها.. ولدينا قوانين الإدارة المحلية بكل ما حددته من سلطات لهذه المجالس الشعبية ابتداء من القانون 57 لسنة 1971 وحتي القانون 84 لسنة 1996 .. ودعونا نناقش بصراحة في المؤتمر القادم للحزب.. هل يتم فعلاً مناقشة موضوعية لقضايا الجماهير من القرية إلي المدينة إلي المحافظة وهل يتم التفاعل والتكامل لهذا النقاش لتكون القوانين والتشريعات التي تتخذ علي المستوي المركزي تعبر عما تمت مناقشته في أصغر وحدة محلية في القرية أو المدينة.. من المؤكد أنه إذا حدث ذلك فسوف يستشعر المواطن في كل مكان بفاعليته وتحوله من مفعول به إلي فاعل.. وسوف تنتهي فلسفة ترسخت تقول (الحكومة تقرر ما تريد.. ونحن نفعل ما نريد والكل سعيد). - القضية الثانية التي ارجو أن تكون محل النقاش في المؤتمر القادم للحزب الوطني هي قضية المركزية واللامركزية. تلك القضية التي نسمع بها ويسمع بها كبيرو السن في مصر منذ كانت خطب العرش في بداية كل دورة برلمانية أيام العصر الملكي ومازلنا نسمع الرؤساء يطالبون بها في العصر الجمهوري.. نعم مصر دولة نهرية توارثت تحكم الحكومة المركزية في مياه النهر.. ثم توارثت تحكمها في كل مناحي الحياة.. ولكن لا يمكن أن يستقيم الحال ويستشعر المواطن والمسئول البعيد عن العاصمة بمسئوليته في الأداء مادامت كل الأمور في العاصمة بيد الحكومة المركزية والمسئولين الصغار والكبار بها.. وكيف يمكن للمسئول المحلي أن يكون مسئولاً عن الأداء محلياً ومسئوليته محددة أمام المسئول المركزي وليس أمام مواطنيه المحليين.. كم أرجو أن تعيش مصر عصراً يتم فيه انتخاب المسئول المحلي عن طريق المواطنين في المحليات ولا يفرض عليهم من الحكومة المركزية.. وكم أرجو أن يكون مفهوماً للامركزية أنها ليست انزاعاً لسلطات مركزية لصالح المحليات ولكن هي توزيع للمسئولية يترتب عليها في النهاية أداء أفضل يتكامل محلياً ومركزياً.. ونقل المسئولية والخدمات من الحكومة المركزية سيكون سهلاً وميسراً إذا ما تواجدت الإرادة السياسية لذلك.. وفي تصوري أنها موجودة علي أعلي المستويات.. وكما ذكرت في هذا المكان من قبل لقد كان المواطنون جميعاً من كل أنحاء مصر جنوباً وشرقاً وشمالاً وغرباً يحضرون إلي ميدان التحرير لمبني مجمع التحرير للدور الثاني لاستخراج جوازات السفر وكذلك تأشيرات الخروج - أيام كانت مطلوبة - والآن أصبح ذلك ميسراً من كل مكاتب السجل المدني بأقسام المحليات في كل مكان. - القضية الثالثة وهي قضية تستوجب فعلاً النقاش علي مستوي مؤتمر الحزب الوطني وعلي المستوي العام قضية احترام ما يتم اقراره من خطط قومية أو عمرانية وما يتم أحياناً من الانحراف عما تم اقراره بقرارات فوقية من تنفيذيين دون المرور في القنوات الشرعية التي تم المرور بها عند اقراره أولاً.. -القضية الرابعة.. التي أري مناقشتها في المؤتمر القادم هي التعرف علي ما تمت دراسته من قبل من مخططات قومية عن طريق الوزارات والهيئات المختلفة وما انتجته المجالس القومية التي تضم عقول مصر ولماذا ظل كثير منها حبيس الادراج.. ونحاول في كثير من الأحيان أن نعيد اختراع العجلة.. بدل من أن نستخرج ما بالادراج والذي قد يتطلب التفعيل بقرارات تنفيذية أو التحديث إذا لزم. عقول مصر وخبرات أبنائها كثيرة وذات قيمة كبري وإذا ما شعرت أن عطاءها له مردود قومي.. سيصبح عطاؤها أكبر بدلاً من شعور كثيرين منهم بالاحباط عند اللجوء إلي خبرات أجنبية وتجاهل عطائهم الممتد حبيس الادراج.. الله أسأل أن يكون مؤتمر الحزب الوطني القادم بداية لحوار دائم ينعكس علي الأحزاب الأخري من أجل قضايانا القومية.. ومن أجل مستقبل مصر المكان والسكان.