هاندل، باخ، موتسارت، مندل، بتهوفن، تشايكوفسكي، هنري مافسيني مع غيرهم في الموسيقي ثم رافائيلو، ڤان جوخ، مايكل انجلو، بيكاسو، سلفادور دالي، جوجان مع ونسلو في عالم الرسم، ثم تشيكوف، الكسندر ديماس، تورجنيف، همنجواي، ليوتولستوي مع إبسن وكافكا والرائع شكسبير وغيرهم كثر، في دنيا الأدب وهلم جمالا. وتعالوا نراجع معا مجالات أخري: السرك.. والباليه الروسي والجمباز والأوكروبات الصيني والكوري والسباحة والتنس الأمريكي والقدم البرازيلي والأرجنتيني. هذا مع التكنولوجيا الياباني والبرمجة الإسرائيلي والهندي والموبايل الفنلندي والسيارة الألماني والسويدي والساعات والدواء السويسري وهلم تصدير! ودعونا نلاحظ: السجاد الإيراني القنب والجوت الباكستاني، الملابس والأحذية الإيطالي والجبن والنبيذ الفرنسي مع الصمغ السوداني والتمور "العجوة" العراقي "سابقا يعني" مع الشاي السيلاني والقمح الأوكراني واللحم النيوزيلندي والألبان الدانماركي وغيرها كثر أيضا. كل دولة تبرع في مجال أو تكافح في حقل: تصنيع، فنون، إنتاج زراعي، تقدم علمي.. الخ. عدا دولنا العربية، يا مولاي كما خلقتني، إلا إذا اعتبرنا التشنج غير المبرر: ماركة "بالروح بالدم نفديك يا وطن"، و.. مصر هي أمي والصومال هي خالتي، صاح يا رجال"، مع أغاني النصر وعيد ميلاد المهيب الركن والزعيم الكورنر والقائد الضرورة.. الخ. إلا إذا اعتبرنا كل ذلك وغيره من كليبات ومسلسلات دليل فخر وبرهان امتياز. حتي هنا في مصر.. كان لنا شيء يميزنا ذات يوم كان المرء يقرأ علي قميص معلق في فاترينة هارودز لندن مصنوع من قطن مصري، كما كان يسمع: دي كولونيا مصري!! بل وحتي السجائر المصرية، مع البصل والبطاطس والبيض المصري، حتي هذا أصبح تاريخا. وفي دولنا العربية نجد البترول.. هبة من السماء.. ثروة طبيعية لم نبذل جهدا للفوز بها.. وحتي مع كونها مؤقتة تأكيدا.. فإننا لم ننجح في توظيفها علي المدي الطويل.. حيث تحولنا إلي سوق كبير، معرض منتجات غربية وشرقية، مستهلكين مستوردين.. ليس إلا.. وبكل أسف ومن كان يصدق أن تغرق الشوارع العربية تحت سيول المنتج الصيني من سجادة الصلاة وحتي السيارة ذات الدفع الرباعي.. كله بثمن البترول الذي سوف ينضب ذات يوم ونحن نيام. في شوارع مانهاتن نيويورك تجد شابا مصريا - مثلا - يقف علي عربة شاندوتشات هوت دوجر وفي نفس الشوارع لكن في مكاتب المباني تقابل شابا هنديا - مثلا برضه - يعمل بوصفه خبير كمبيوتر، وفي المبني نفسه هندي آخر داخل عيادته الطبية.. وهكذا. في شوارع باريس لا يختلف الوضع كثيرا.. شباب من المغرب العربي مقابل شباب من دول الاتحاد السوفيتي بعد التفكك.. وهكذا. يشاهد المرء ناجحين أتراكاً في ألمانيا والنمسا وبارعين ألبان في ألمانيا، ومجتهدين من ماليزيا في استراليا، في مسلسل كفاح وتميز ونجاح حتي في ظل أزمة اقتصادية طالت الجميع. يتندر الأخ إبراهيم السايح قائلا: "نسيت القراصنة في الصومال، وزراع القات في اليمن". أي أنه في عالمنا العربي لدينا الكثير أيضا ثم عندنا المعسل المصري والدوري المصري وشعبولا المصري. لذلك يا حضرات لم يعد لدينا ما نهتم به أو نبكي عليه.. حتي لو ردد البعض: نحن أصحاب نوبل: محفوظ والبرادعي وزويل الأمريكي الجنسية، حيث إن جارثيا ماركيز.. ابن كولومبيا معقل زعماء الكوكايين قد حصل علي نفس الجائزة مع عشرات غيره من العلماء والأدباء اليهود.. مثلا باعتبار أنه لا يعول علي "فلتات" هنا أو ملكات فردية هناك. لذلك يا سادة تشتعل مدرجات الملاعب العربية بالصواريخ حال تسجيل هدف في مرمي الخصم الكروي وتسهر الجماهير حتي الصباح تحت الأعلام والصرخات والاهازيج في نوبة انتشاء عارمة دون مبرر، تماما كما تهتم نفس الجماهير بحجاب الممثلة أو سلوك رجل الأعمال أو برامج صفر 900 كي تكسب الوهم أو تربح الضياع، وحتي يتكرر السؤال: متي نصحو؟ متي نلحق بالأخرين؟ هذا.. والعجيب بعد كل ما وصلنا إليه.. أن البعض مازال مصمما علي كون هدف شيكابالا في بترول أسيوط من تسلل واضح، وأن لحن العنب العنب مسروق من لحن للإيطالي بافاروتي، وأن مدرستي نظيفة جميلة متطورة منتجة مدمجة مرحبة عصرية. هذا في مصر.. بينما في غيرها من دول ناطقة بالضاد يبذل المواطن العربي الأصيل والواعي المجتهد، كل الجهد وصولا إلي قرار أو جواب لسؤال: دخول الخلاء باليمين أم بالشمال؟ وما هو الأهم الجلباب القصير أم الذقن الطويلة؟.. ويجري ذلك كله مصداقا للحكمة القائلة: "كتاكيتو بني".