نعيش الآن في وقت حاسم من التاريخ وأصبح من الضروري - أكثر من أي وقت مضي - العمل علي فك شفرته و تفسيره وهو ماحاول المؤلف جاك أتالي القيام به في كتابه "معني الأشياء" .. فمن خلال عرض وجهة نظره في أكبر القضايا المعاصرة ومقارنتها بوجهات كبار المفكرين والخبراء ، حاول جاك أتالي الذي تربطه صداقة عميقة بالرئيس الفرنسي ساركوزي رسم بانوراما لهذا العالم الذي نحياه بتغيراته وتقلباته، حيث يحمل لنا كل مفكر أو كاتب أو خبير توضيحًا معينًا علي قضية من القضايا التي يمر بها العالم في شتي مجالات الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية و يقدمون آراءهم في سياق محدد و دقيق وبشكل حيوي.. كما يسعي الكتاب لتقديم إجابات علي جميع الأسئلة الجوهرية ، مثل : هل التفوق الفرنسي في انحدار - وماذا عن تدهور أوضاع المرأة في العالم - وهل سيصبح الدين هو العامل الأساسي لمستقبلنا ؟ وهل يمكن توقع الاضطربات التي قد تطرأ علي العلاقات العائلية و العاطفية ؟ وهل بالفعل اصبحت وسائل التكنولوجيا تهدد الموسيقي؟ وكيف يمكننا أن نتخيل عالمًا بلا عنف؟ وماذا سيكون مستقبل الحياة البشرية؟.. علي مدار الفصول أثار " جاك اتالي " دور الخبراء في إعادة هيكلة المواضيع من خلال منظور تاريخي ومنهجي علي المدي الطويل ، وبين كيف أصبحت الفترة التي نحياها الآن بمثابة المرحلة الفاصلة في تاريخ البشرية. ومن خلال هذه المناظرات ظهرت أفكار جديدة وانتقادات خلاقة مما يدفع عجلة الفكر للأمام.. كان من الصعب نقد عمل فني بهذه الدسامة والاهمية الفكرية فهذا العمل - "معني الاشياء" - تمت دراسته ومناقشته من اعظم رجال الفكر والنقد ، ويذكر في هذا الصدد " سيمون فيل " و" دانيال كوهين " و " رولند كاسترو " و" رونيه جيرار " ثم حللها "اتالي" بمنتهي الدقة ، وعن طريق الاراء والمناقشات والشواهد تم تناول عدة مواضيع مثل وضع المرأة والتعليم والدين والعلم ، و لكن بعد قراءة هذا العمل ذي المذاق الخاص يمكننا اكتشاف خصوصيته التي اكتسب شكلها من مضمونه ومن افكاره لأن "اتالي" لم يكن يفكر فقط في الحاضر والمستقبل ، ولكن كان شاغله الاساسي هو الإسهام الفعلي في التغيير بإصدار مثل هذا الكتاب، وذلك في إطار يتوافق مع مبدأ حياة الترحال الذي يؤمن به ولكن في عصر الهواتف المحمولة والإنترنت.