كمشاهد قبل أن أكون متخصصاً وكمتخصص قبل ان اكون باحثاً من المؤمنين بأهمية التقييم العلمي والدوري لكل ما يتم من تطوير تليفزيوني من حيث الشكل والمضمون لأنني في النهاية لا استطيع ان اقع في خطأ الاعتقاد ان ما اقوله يعبر عن رأي سواء كان رأياً عاماً او خاصاً أو نوعياً.. ما اتحدث عنه اليوم تلك النقلة النوعية التي اتضحت معالمها تدريجياً في باقة قنوات النيل المتخصصة والتي وصلت الي اعلي مستوياتها في رمضان هذا التطوير الذي ينطوي علي عمليات التخطيط والتنفيذ شكلاً ومضموناً. فقد بدأ التطوير من حيث الشكل وهي نقطة انطلاق اساسية لان الشكل يمثل أحد مكونات صناعة الهوية المميزة لكل قناة علي حدي أو كباقة قنوات متكاملة. فقد بدأت لوجوهات القنوات المتخصصة في التفرد وتلاها تطوير الفواصل والتنويهات ثم بدأ التطوير التدريجي للمحتوي والذي استهدف بوضوح وجود شخصية متميزة تفرق بين النيل للدراما والنيل للسينما والنيل لايف ، ثم النيل للرياضة رغم عدم اكتمال متطلباتها ثم الدخول إلي مجال ما اصعبه وما احوجه إلي تكلفة عالية وإلي نفس اطول ألا وهو الاتجاه للنيل كوميدي. وظل التطوير يتزايد بوضوح الي ان جاء شهر رمضان لتنجح هذه الباقة في توسيع مساحة مشاهدتها والارتباط بها وهذا لا يتم الا من خلال جدولة ذكية لمحتوي جذاب ومنافس بقوة. واذا كان هناك من يقول إن المحتوي الدرامي متاح للجميع إلا أن التخطيط لعرضه يمثل واحدة من ركائز القوة والتميز وفي اعتقادي أن هذا الامر قد تحقق ثم إن المكون البرامجي قد لحقت به ايضاً لمسات التطوير من حيث عناصر الابهار سواء في ديكوراته أو اضاءاته أو ايقاعه أو مستوي اداء بعض مقدميه ومقدماته. إن هذا التطوير الواضح والملموس يمثل تحدياً كبيراً للقائمين عليه بعد انتهاء نمط المشاهدة الخاص بشهر رمضان. وهذا التحدي تزداد درجته أمام قنوات المنوعات أي النيل لايف، وقناة الكوميديا، والنيل للرياضة ومرجع هذا التحدي أن المنافسة في مجال قنوات المنوعات هو اشد واشرس انواع التحدي واكثر احتياجاً لميزانيات كبيرة وضخمة. فالمنوعات ان لم تستطع ان تمتلك برامج ذات مستوي عال من الجودة والتميز فمن السهل تراجعها. والقنوات الرياضية ما لم تمتلك حقوقاً حصرية مصحوبة بتناول مبدع من الصعب أن تحتفظ بمشاهديها لفترات طويلة. أما قنوات الكوميديا فهي مثل النكتة مطلوب أن تكون طازجة ومتجددة دائماً، ومطلوب منها ان تكون غنية وعميقة وكل هذه الامور لها تكلفتها العالية. نعم فالنكتة مهما كانت حراقة فان تكرارها يقتلها.. إنني علي يقين من أن قيادات الإعلام المصري تدرك هذه الحقائق ومن المؤكد انها تعكف الآن علي توفير كل المقومات التي تحفظ لهذه القنوات قوة الدفع التي بدأت واقتربت من قطف ثمارها. واذا كان لي من اقتراح فإن هذه القنوات والتي اصبحت تدار بعقلية تجارية عليها ان تبحث عن نمط ملكية وادارة تتوافر لها الاستقلالية والقدرة المالية من خلال ايجاد اشكال جديدة للاستثمارات والشراكات المدروسة خاصة انها اصبحت في مكانة تمكنها من التفاوض من مركز قوة حقيقي.. إنني اتصور ان قيادات الإعلام في انتظار انتهاء هذا الشهر وما سوف تكشف عنه الدراسات العلمية المستقلة من نتائج ما حققته هذه القنوات من تطوير واضح لكي تبني عليها خططها وتضع أفكارها المستقبلية.. Email : [email protected]