فضائح الباطنية كتاب مفصل متخصص للغزالي حققه وصدر عن دار الفاروق، يلقي الضوء علي فرقة ملحدة عن الإسلام، سميت بالباطنية لأنهم ادعوا أن للقرآن معاني ظاهرة وأخري باطنة، واستخدموا لخداع أتباعهم حجة أن هذا الباطن لا يعلمه إلا إمامهم، الذي ألصقوا به صفة العصمة وساووه بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام، واتفقوا علي أنه خليفته الذي يساويه في العصمة والاطلاع علي الحقائق في كل الأمور، ويتبع هذا الإمام دعاة ينتشرون في مختلف الأقطار ويغيرون أسماءهم وهيئاتهم من أجل استمالة الناس، ومن هنا كان الكتاب فرصة لإلحاق أبواب متفرقة لبيان ماهية فكرة الإمامة في الإسلام، يبين المحقق أن الحاجة إلي القاضي أو الإمام من أجل أمور سياسية فقط من أجل دفع الخصومات وحراسة الإسلام والنضال من أجله، ولذلك لابد أن يتحلي الإمام بالعدالة والعلم والصرامة وليس أبدا العصمة. تعتبر الباطنية أشد الفرق ضررا علي الإسلام لأنهم يدعون إلي الانسلال من الدين كانسلال الشعرة من العجين كما يقول الغزالي، ويستخدمون حيل التشكيك في بعض ما جاء بالقرآن مثل السؤال عن معني الر وكهيعص وحم وعسق، وكذلك التشكيك في بعض المسائل التي وردت بالقرآن فيقولون ما بال الحائض تقضي الصوم دون الصلاة؟ وما بال الاغتسال يجب من المني وهو طاهر ولا يجب من البول النجس؟ وغيرها من الأسئلة التافهة والعجيبة والتي تتميز بحسب المحقق بالركاكة والفساد. الكتاب مقسم إلي أبواب وفصول لتوضيح أسباب تسميتهم بهذا الاسم والألقاب الأخري التي أطلقت علي هذه الفرق، وبيان أساليبهم في الخداع والرد عليهم. وقد نقل الغزالي أخبار تلك الفرق من أناس اتبعوهم وتدينوا بدينهم ثم رجعوا عن غوايتهم، وهناك جزء منهم ينتمون إلي الشيعة، وهناك طائفة من الباطنية هم من الفلاسفة الملحدين المتحيرين في الإسلام الذين اعتقدوا أن الشرائع مؤلفة والمعجزات أكاذيب. وقد تولّت هذه الفرق مهمة التمويه عن الإسلام بالحجج والتلفيق بالمنطق والجدل، لكن يحتوي كلامهم ومذهبهم علي قدر عال من المغالطة، لأن مذهبهم يعتمد بالأساس علي حصر العلم في قول الإمام وعزل العقول عن التفكير، كما أنهم يزعمون أن القرآن تعبير محمد وليس كلام الله، ويقول المحقق أن هذه المذاهب مستخرجة من مذاهب الفلاسفة، منها إنكارهم القيامة واعتبار الميعاد عود كل شيء علي أصله لا أكثر، فضلا عما يتميزون به من الإباحية المطلقة واستباحة المحظورات وإنكار الشرائع.