في الثالث والرابع من أبريل هذا العام، وأثناء الاحتفال بالذكري الستين لانشاء حلف شمال الاطلنطي في مدينتي ستراسبورج وكيل، أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي استعادة فرنسا لمكانها في هذه المنظمة العسكرية الاقليمية . هذا المكان التي كانت قد تركته في السابع من مارس 1966 بناء علي رغبة مؤسس الجمهورية الخامسة ، الرئيس شارل ديجول. وعلي مدار ثلاث وأربعين سنة ، ساهم الانسحاب من الناتو في خلق هوية فريدة لفرنسا؛ فهي في الوقت نفسه حليفة للولايات المتحدة لكن محتفظة باستقلاليتها. وأثناء فترة حكم ميتران وشيراك ، لم تكف فرنسا عن التقرب للناتو لكن دون أن تعلن للفرنسيين، فقد حاربت في البوسنة ثم في كوسوفو ، وتحارب اليوم في أفغانستان تحت لواء الناتو. بيار لولوش، سياسي فرنسي وأستاذ في الجغرافيا السياسية ، ترأس المجلس البرلماني للناتو وساهم في وضع تصور للسياسة الخارجية في برنامج الرئيس ساركوزي الانتخابي، وهو اليوم المبعوث الخاص لفرنسا في أفغانستان وباكستان. وقد ألف لولوش مؤخرا كتابًا بعنوان"حليف صعب المراس "، عن علاقة فرنسا بحلف شمال الاطلنطي ، تناول فيه تاريخ تلك العلاقة الشائكة منذ مابعد الحرب العالمية الثانية إلي حرب أفغانستان مرورا بالتطورات التي حدثت في قلب الحلف نفسه أثناء فترة الحرب الباردة. ثم يحلل المشهد الأخير وهو عودة فرنسا إلي الناتو بعد أربعة عقود ويتساءل ما إذا كان اختيار الرئيس ساركوزي بالعودة الآن إلي الناتو قرارا شجاعا سينهي سنوات من "النفاق" التي استمرت فيها فرنسا تدعم الحلف بصورة غير رسمية ،أم أنه سيكون بمثابة تهميش لدور فرنسا وانضواء تحت القوة الأمريكية العظمي ؟ ويري لولوش أن كتابه سيساهم في إثارة الجدل البناء بين الفرنسيين وجعلهم يتفكرون في تأثير هذه الأحداث علي أمن فرنسا ودورها في أوروبا والعالم .