أقامت هيئة قصور الثقافة ندوة بعنوان "فكر المصادرة وأزمة حرية التعبير" بمقهي "نجيب محفوظ" ضمن فعاليات ليالي رمضان الثقافية بالقلعة، شارك فيها كل من الدكتور عبد المنعم تليمة والدكتور سيد ضيف والروائي أحمد عبد الرازق أبو العلا وأدارها الروائي والناقد سيد الوكيل، الذي أكد أن المصادرة أصبحت تقليدا في مصر، وأن المؤسسات الثقافية التابعة لوزارة الثقافة تخدع الجميع بالخطاب النقدي الذي تتبناه ضد المصادرة، بالإضافة إلي السلطات التقليدية كرجال الدين، وبعض الصحف والقنوات الثقافية، التي تصادر أصواتًا مقابل تلميع ودعم أخري، بناء علي "الأمزجة" الشخصية. أضاف: وزير الثقافة فاروق حسني قال بعد أزمة الروايات الثلاث إن النشر في المؤسسات الثقافية يتطلب الالتزام، وإلا فدور النشر الخاصة موجودة، لكن دون تحديد ماذا يقصد بكلمة "الالتزام"، ولماذا يكون الالتزام بالأدب فقط، وهناك العديد من البرامج والأغاني والمسلسلات والأفلام في السينما والتليفزيون في مصر والوطن العربي تصل للملايين التي تستحق الحجر عليها لمضمونها الرخيص، ولكن لا أحد يلتفت لها كما يحدث مع الكتب التي لا توزع أكثر من ألف أو ألفي نسخة، بعد أن تكون مرت علي الرقيب الداخلي والخارجي والديني، بل عمال المطابع، لنجد المشاكل تثار حولها في مجلس الشعب والأزهر وغيرها من المؤسسات. أما الدكتور عبد المنعم تليمة فقال: الحرية ليست فوضي، وإنما هي تخلّص من القيد الذي تمارسه المؤسسات الثقافية الرسمية علي حرية التفكير والإبداع بصورة غير مباشرة، فتلك المؤسسات تسمح للجميع بقول ما يشاءون كما نفعل الآن، ولكنها من الجهة الأخري تحتكر العمل الثقافي وتحظر إقامة أي كيانات ثقافية مستقلة بعيدة عنها، بالرغم من أن الحرية لا تقتصر علي التعبير والقول، وإنما تشمل حرية التأويل والتفسير والبحث بأنواعه الأدبي والعلمي.. وأضاف: علي المؤسسة الثقافة الرسمية والتيارات السلفية أن تدرك أنه لا يجوز امتحان الدين الثابت بالعلم المتغير، ولابد لنا من حماية المجتمع من أي ادعاء، بأن نختصم لأهل الذكر والاختصاص، وليس للقضاة والعسكر، ولا أقصد بأهل الاختصاص هنا الآحاد، فليس من المنطقي أن تبعث لي المحكمة لأدلي برأيي في قصيدة ما، فالآحاد لا يكونون في مقابل المؤسسات، وإنما المفترض أن نري المؤسسات تواجه المؤسسات. ومن جانبه قال أحمد عبد الرازق أبوالعلا: لا أثق في المؤسسات الثقافية الآن، فهي لا تنحاز لحرية الإبداع والفكر، وأري أن موضوع الحرية يتم تحديد مفهومه ومقاييسه حسب المصالح، لذا ذهبنا كأعضاء مجلس اتحاد الكتاب إلي مجلس الشعب لنغير المادة التي تنص علي تبعية الاتحاد، لوزارة الثقافة، وهي المادة التي تعطي وزير الثقافة الحق في فض الاتحاد، فضلا عن التبعية الإدارية، إلا أن لجنة التشريع في مجلس الشعب لم توافق علي تعديل المادة، وأكدوا ضرورة وجود وزير مختص يشرف ولو صوريا، وتندروا علينا قائلين "لمن ستكونون تابعين؟ لوزير الزراعة؟"، وبالرغم من أن وزير الثقافة الفنان فاروق حسني كان قد أكد من قبل أنها مادة لم ولن ينفذها، فهذا لأنه وزير ناضج لا نضمن هل سيكون القادم مثله أم لا. الدكتور سيد ضيف قال: المصادرة سلاح يضر من يحمله لا من يوجه إليه، فكل كتاب أو قصيدة تصادر تحظي بانتشار يفوق كتبًا وأعمالاً أفضل منها مئات المرات، وبالرغم من أن ليس كل عمل يصادر هو الأفضل عند كاتبه، فإن المصادرة أصبحت من الأساليب السهلة للذيوع والانتشار، ووصل الأمر ببعض الكتَاب للتبليغ عن أعمالهم في رسائل يرسلون بها إلي الأزهر لتقوم العواصف المعتادة ويشتهر الكتاب.