شهد مقهي "نجيب محفوظ" بمحكي القلعة أمسية أدبية لمناقشة كتاب "حياة محمد" للمستشرق الفرنسي إميل درمنجم، حضرها أستاذا التاريخ الدكتور عبادة كحيلة والدكتور أحمد زكريا الشلق. قال الدكتور عبادة: رغم أن هناك العديد من الكتب التي صدرت بالعربية عن سيرة النبي محمد صلي الله عليه وسلم، في الثقافة العربية، لكبار المفكرين من أمثال العقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم، إلا أننا نعتبر كتاب "محمد" لمحمد حسنين هيكل، الذي نقل هيكل في أجزاء كثيرة منه عن كتاب المستشرق الفرنسي إميل درمنجم، الكتاب الأساسي للسيرة، خاصة أن عبقريات العقاد كانت تدور حول الصورة النفسية والهدف منها رسم صورة للعبقرية التي يكتب عنها، وسيرة الدكتور طه حسين لم تك سيرة بالمعني الحرفي، وتوفيق الحكيم لم يكتب إلا مسرحية تضم مجموعة من الحوارات في عصر النبي. نفي عبادة ما تردد عن سرقة هيكل لكتاب درمنجم، لأنه في الأجزاء التي اقتبسها أشار صراحة للمصدر، وعن محتوي الكتاب قال: لم يتخذ درمنجم في هذا الكتاب موقف المؤرخ، وإنما هدف الإتيان بأسلم رواية للحديث من وجهة نظره ليصبغها بأسلوبه الجميل، وتعكس عباراته روح التسامح والموضوعية في الحديث عن الإسلام، حيث يقول: "الحق إن النصرانية تشمل الإسلام وتضيف له بعض الشيء فلا تناقض بينهما"، ويقول أيضا: "العرب صارت لهم روح عامة ومبدأ واحد وأصبحوا معه ذوو شأن واحد للعالم ..... ظهروا في الوقت المناسب وأنقذوا العالم من الانهيار". ثم تحدث عبادة عن مآخذ الكتاب قائلا: رغم اعتماد الكاتب علي الموارد الأصلية إلا أنه يلاحظ به أخطاء علمية مثل تعبير "أفغان" الذي لم يكن موجودا حينها، وقوله إن بني هاشم عشيرة النبي عليه الصلاة والسلام كانوا دون بني مخزوم قدرا وهذا غير صحيح، وقوله إن تدوين القرآن تم بعد 70 عاما من وفاة الرسول وهذا غير صحيح، إذ إن تدوينه بدأ في عهد أبو بكر أي بعد الوفاة بسنوات قليلة، وبرغم دفاعه عن الإسلام قال "شعر محمد في العقد الأخير من عمره بالميل الشديد إلي النساء" واعتمد في ذلك علي رواية غير صحيحة عن زواجه بزينب بنت جحش، يستدل بها المستشرقون علي شغفه صلي الله عليه وسلم بالنساء، . أما الدكتور أحمد زكريا الشلق فأشار إلي أن الطبعة الحالية هي الثانية عن هيئة قصور الثقافة، وأن الكتاب أشمل من مجرد سيرة للرسول لأنه يتضمن تأريخا للدولة الإسلامية بما في ذلك الدعوة وانتشارها والغزوات، كما أنه أفرد أربعة فصول لزوجات النبي عليه الصلاة والسلام. ومن أبرز المآخذ علي الكتاب من وجهة نظره، ما ورد به عن السيدة خديجة، من أنها أثقلت علي عمها بالشراب لتقنعه بزواجها من محمد، والرد أنها لم تكن المرأة التي تستخدم الخداع لأجل مصلحة شخصية.