أقيم بقاعة "إيزيس" بمركز محمود مختار الثقافي ندوة بعنوان "السيرة النبوية مصدر إلهام للفنان"، علي هامش معرض الفنان طاهر عبد العظيم المقام بعنوان "رؤية تشكيلية للسيرة النبوية"، التي قدم فيها لوحة بانورامية ضخمة، متناولا فيها مجموعة من أحداث السيرة النبوية، شارك في الندوة الشيخ جمال قطب عضو مجمع البحوث الإسلامية وأمين لجنة الفتوي، والناقد الفني صلاح بيصار، وأدارت الندوة الدكتورة مروة عزت مدير قاعة "إيزيس"، وبحضور مجموعة من الفنانين وطلبة من كليات الفنون الجميلة. قال الشيخ جمال قطب: إقامة معرض تشكيلي يضم الدين والفن، خطوة تأخرت كثيرا، وأراها مليئة بالعناء، فلقاء الدين بالفن التشكيلي واجهته كثير من الفتاوي والجدل بين المتخصصين وغير المتخصصين، وأوضح رأيه في مسألة تحريم فن النحت التي أثيرت في كليات الفنون الجميلة في الفترة الأخيرة، بأن تحطيم الأصنام والتماثيل جاء من منطلق أنها كانت للعبادة، أما التماثيل الفنية فهي لم تصنع للعبادة فما الداعي إذا لتحريمها، وأيضا لا تحريم لفن الرسم ففي الفنون الإسلامية الكثير من الرسوم الزخرفية التي تزين بها المصاحف وأيضا رسوم تشخيصية مبسطة. وأضاف: الفنان طاهر عبد العظيم صاحب جدارية "السيرة" واجه أيضا انتقادات من فنانين لوجود مرجعية دينية لها، بمعني أنه تعرض للتحرش من داخل المجتمع الفني نفسه، ومن الرأي العام عامة، فنحن لا نحجر علي أي إبداعات فنية طالما أنها تتفق مع ضوابط الشرع، وتحافظ وتؤكد علي القيم الروحية والإنسانية، وبكل أسف هناك مؤسسات معنية ولديها ميزانيات طائلة لزيادة ثقافة الكرة والرقص والفنون الأخري إلي أن أصبح جمهورنا يطلق علية جمهور كرة، أما الفنون الراقية كالفن التشكيلي بفروعه تنحدر، ربما لأنه لا يوجد في مجتمعنا مناخ ثقافي فني يستطيع استقطاب جمهور، ولكن مع وجود هذا المعرض وهذا الحضور يمكن للفن أن يقيم أرقي لغة حوار، يعيد ويرجع القيم التي فقدها مجتمعنا، ولمزيد من التواصل والاتصال الروحاني والإنساني والديني بين الفن والدين، أري أنه إذا تواجدت ثقافة الصورة في مجتمعنا فلا مانع من طرح مصحف به لوحات فنية بشرط ألا تتعارض مع الشرع والقيم. وختم الشيخ قطب كلمته بقوله: أقول للشباب هواة الفن التشكيلي ادخلوا كليات الفنون الجميلة وادرسوا الفنون بفروعها نحت ورسم، ولكن قدموا لمجتمعكم من خلال الفن رسالة تصالح مع القيم والأخلاق، ولا خطر علي الدين من الفنون التشكيلية. أما الناقد الفني صلاح بيصار فقال: بالتأكيد المرجعية الدينية أفادت هذا العمل الفني ومنحته مصداقية وأصالة في الموضوع، مما جعله عملا فنيا يستحق التقدير والإشادة، بالإضافة إلي أنه حالة تشكيلية متناغمة وإيقاع ثري، فنحن أمام عمل فني غير مسبوق، وفي العامين الماضين حدث نوع من الاحتقان بين الدين والفن علي أثر بعض دعاوي التحريم، وكان من نتائجها أن قامت إحدي السيدات بتحطيم تمثال للفنان حسن حشمت الموجود بمتحفه الكائن بضاحية عين شمس، كما ابتعد الشباب عن دخول كليات الفنون الجميلة خاصة قسم النحت الذي أصبح خاويا في السنوات الأخيرة، فكيف إذا يوجد إبداع في مثل هذا المناخ والتوجهات الفكرية، وكأننا نعيد طرح تساؤلات من المفترض أن الإجابة عنها محسومة، فبعد 100 سنة فنًا نتساءل هل الرسم حلال أم حرام؟، رغم أن الفنون الإسلامية تضم هذه الفنون، فقصر غرناطة تزينه مجموعة من الصور في السقف لعشرة أشخاص بملابس عربية فضفاضة، وأيضا مقامات الحريري الذي رسمها يحيي الواسطي، أما النحت في الفن الإسلامي فمن أهم الأشكال النحتية التشخيصية تمثال شخصي للخليفة هشام بن عبد الملك في قصر "الحير" الغربي بالشام. الفنان طاهر عبد العظيم أوضح: أن الدين ارتبط بالفن طوال عقود طويلة، وقد انفعلت كفنان مسلم عندما سمعت عن الرسوم المسيئة للرسول (ص) ومحاولة تشويه صورة الإسلام، وكانت هذه بدايتي في التفكير في هذه الجدارية، فكان من الضروري الرد والدفاع عن هويتي ووطنيتي، فلم يكن هناك أبلغ من الرد بسيرة الرسول العطرة، واستعانتي بدار الإفتاء كمرجعية لحسم الأمور المختلفة تاريخياً وشرعياً لا يقلل من قيمة العمل لأن العمل له خصوصية دينية، كما أن بعض الأمور التشكيلية من الصعب وجود لها مرجعية مثل الأزياء والعمارة، أشكال الأفيال، واعتمدت فيها علي الخيال ونفذت عملي من خلال قناعاتي الفكرية، وهذه هي رسالتي أن الفن بدون قيمة لا قيمة له.