أغلبية من يلطمون الخدود بدعوي أن مصر لا يوجد بها قوانين لحقوق الإنسان.أو أنها إذا أقرت بعضا منها لا تعمل بها.(وربما معهم بعض الحق وليس كله). ويستشهدون بتقارير المنظمات الغربية الأهلية.( أليس الغرب هو الذي اقترح هذه الحقوق؟) لكن إذا جاءت بعض التقارير ضد هواهم انقلبوا يهاجمونها باعتبارها تقارير غربية! فإذا شعروا بتناقضهم راحوا يقولون إن الغرب قد يعطي هذه الحقوق لشعوبه ولكنه يمنع تطبيقها علي الإنسان العربي أو المسلم.فهو متعصب ضدنا لا يعتبرنا بشرا ولا يعرفون التسامح أو القبول بالآخر ولا يعطون المرأة حقوقها الخ!.. باعتبار أن الغرب كله معاد لنا كما يشهد التاريخ. (التاريخ الذي نكتبه نحن). ثم يناقضون أنفسهم أكثر عندما يستطردون فيقولون إننا أفضل وأسبق من الغرب لأن ديننا وضع مبادئ حقوق الإنسان منذ ألف وخمسمائة عام تقريبا. وهكذا يستشهدون بالغرب مرة ويهاجمونه مرة وكأنه لا يوجد في الدنيا من يعترف بحقوق الإنسان إلا ذلك المتحدث أو الكاتب!. لاحظ أنهم يتحدثون عن وجود حقوق الإنسان في الإسلام وليس في الدول الإسلامية والفرق كبير!.ولاحظ أنهم يتحدثون عن ( مبادئ) في الإسلام وليس عن قوانين وقعت عليها دول العالم.ولاحظ أنهم معترفون بتقدم الغرب العلمي ولا يربطون بين ذلك وبين حقوق الإنسان. هذا هو حال بعض المحسوبين علي المثقفين عندنا، ناصريون وقوميون ووفديون وليبراليون ومناضلون ضد العولمة (التي تكاد تكون ابنة حقوق الإنسان). منذ أكثر من قرن ذهب رجل منا إلي فرنسا وعاد ليقول لنا إنه وجد في الغرب إسلاما بغير مسلمين بينما عندنا مسلمون ولكنه لم يجد الإسلام . لم يقل هذا الكلام أحد من المحسوبين علي المثقفين الذين ذكرتهم.بل قاله الشيخ الإمام محمد عبده وهو من هو.ولكن يبدو أنهم لا يقرءون أو يبدو أنهم ( يستهبلون)! كنت أتابع منذ أيام برنامجا في قناة ال"بي بي سي" يستطلع آراء المشاهدين حول سؤال: هل الغرب الذي يدعو لحقوق الإنسان يتبع معايير مزدوجة أي يكيل بمكيالين؟ أم لا؟. قبل أن أسمع أصوات الذين يتصلون تليفونيا بالبرنامج أو يقرأ المذيع رسائلهم الإلكترونية علاوة علي مشاهدة تسجيلات لصورهم الحية مع كلماتهم، تنبأت فورا أن ثلاثة أرباع الناس سترد بنعم.ولكن نتيجة الاستفتاء بعد إحصاء الأصوات خيب أملي إذن جاءت نتيجته أن نسبتهم 88 في المائة!. هكذا اتفق رأي الأغلبية الساحقة من رأي عامة الناس في البلاد العربية تماما مع رأي حضرات الكتبة المثقفين. الحمد لله أننا اجتمعنا علي كلمة سواء ولم نكن نعرف ! فما أجمل وحدة الفكر بين أبناء الأمة من المحيط إلي الخليج. فهذه الوحدة سينتج عنها ولاشك المزيد من التقدم لنا أو المزيد من التدهور والتخلف لنا.الأمر متروك حسب رؤيتك! أو بالأصح حسب أمانيك وأحلامك.فإذا اعترف أحد مثقفينا بتخلفنا لا سمح الله فلا بد أنه سيعقب بأن هذا بسبب أن الأجانب لا يعاملوننا بإنسانية! وسيكتب أستاذ دكتور في جامعة كجامعة القاهرة التي تحظي باحترام العالم ليذكرنا أن الاستعمار الغربي- والغربي تحديدا- هو السبب في هذا التخلف.إذ أبطلوا العمل عندنا بحقوق الإنسان التي عرفناها قبلهم وأدخلوا علينا الديكتاتورية والعبودية ومنعوا عنا العلوم والمعارف بينما أدخلوا عندنا الرقص والموسيقي والنحت وشرب البيرة والنبيذ وكلها من اختراعات قدماء المصريين الكفرة، والخمر بالتحديد كانت هي سبب انهيار الحضارة المصرية بعد آلاف السنين (كانوا بياخدوا وقت طويل لحد ما يسكروا). والغرب بسبب انحلاله الخلقي واختلاط المرأة بالرجل فحضارتهم المزعومة ستنهار قريبا جدا كما يبشرنا بن لادن. قول آمين.أو قول لبيك طالبان! المضحك المبكي أنك إذا بحثت عن المصدر لفتاوانا المزعومة وجدت أغلبها يأتي من مصادر غربية حيث توجد عندهم حرية صحافة حقيقية. منها عرفنا بفضائح أمريكا في العراق وغيرها.أما الفضائح التي تحدث في بلاد العرب المسلمين فلا تمثل إلا قمة جبل الثلج. وبينما لا تقدر أمريكا أن تنكر سجن أبو غريب أو جوانتانامو فمنطقتنا لا تعرف شيئا عن سجونها. هناك فرق بين أن توجد حقوق للإنسان لا تنفذ بدقة وبين ألا توجد القوانين أصلا. ففي كل العالم هناك الأخيار والأشرار لا علاقة بذلك بالدين بقدر ما له علاقة بالقوانين التي تحد من أخطاء البشر. في كل الأديان هناك دائما أبدا فرق وشيع تختلف فيما بينها. فماذا نعني عندما نتحدث عن حقوق الإنسان في الإسلام ؟ هل هي القوانين المستمدة من الشيعة أم السنة؟ إسلام بن لادن؟ أم إسلام مصر ؟ إسلام فتح أم إسلام حماس؟. في الغرب وفي الدين المسيحي واليهودي وحتي في الأديان الآسيوية هناك فرق وشيع وطوائف. لكنهم عندما يسمعون تعبير حقوق الإنسان فهم يتحدثون عن قوانين تحمي حقوق كل البشر بغض النظر عن دينه ولونه وعرقه وجنسه.. الخ. القوانين إذن ما نسأله عنه.فلا يوجد في أي دين قانون خاص بحرية الصحافة ولا الانتخابات وطريقة تولي الحكم وانتقاله ولا مواد قانونية تحدد بدقة حقوق أسري الحروب مثلا. الإسلام لم يحبذ العبودية بل شجع علي عتق العبيد .لكن عندما دعا الغرب إلي إلغاء العبودية تلكأ المسلمون في التوقيع علي هذه المعاهدة الدولية ومازالت العبودية موجودة عندهم للآن بشكل مستتر. وهو ما يعني أنهم وقعوا عليها كارهين.وعندنا أيضا عبودية أخري. عبودية لأفكار بالية مغلوطة جعلنا منها أصناما نعبدها يصدقها الجهلة ويتمسح بها البعض فيفوز بخير وفير!