كنا ونحن صغار نتابع فوازير رمضان، ولما انتشرت الفضائيات وكثرت الدراما أصبحنا نتابع مسلسلات رمضان، أو ما نستطيع من متابعته.. ولكننا في السنوات القليلة الماضية، صرنا أيضا نتابع إعلانات رمضان المتميزة.. إذ أن المسلسلات تستلزم الإعلانات.. وعملا بمقولة الشيء لزوم الشيء، صار للحملات الإعلانية المتنوعة دور مهم في رمضان. والإعلان فن بكل المقاييس.. ومثله مثل كل فن، يبدأ الإعلان من الفكرة.. فإذا تميزت الفكرة كانت بداية إنتاج الإعلان موفقة.. ويستتبع الفكرة إخراجها وإنتاجها، والعناصر البشرية والتقنية المشتركة فيها.. لذا يستخدم كثيرون من منتجي الإعلانات النجوم في إعلاناتهم.. ولكن استخدام النجم في الإعلان لا يحتم بالضرورة نجاحه إذ أن توظيف مهارة الفنان قد لا يتم بصورة صحيحة.. وتبقي الفكرة سيدة النجاح في أي إعلان. أكثر ما لفت نظري هذا العام إعلانات (موبينيل) التي تعتمد علي بعض الأغاني القديمة الجميلة في فكرة جديدة تتعلق بالصيام والكلام.. وتتميز الفكرة بأنها جديدة علي الرغم من أنها تستعين بأغان قديمة.. وبأنها مرتبطة بالصيام وبالحث علي النشاط وعدم الاستسلام للكسل، ولكن بطريقة طريفة مضحكة.. ومؤلف كلمات الإعلان متميز لأنه استطاع اختيار كلمات بعيدة عن الأغنية الأصلية في مغزاها وقريبة منها في موسيقاها.. فاختار (دبلوماسي) لتماشي (دقوا الشماسي) واستبدل (يا واد يا تقيل) بكلمة (يا خفيف). وهناك بالطبع ذكاء في اختيار الأغاني لأنها كلها من النوع الخفيف، وفي اختيار الألوان التي يغلب عليها البرتقالي الذي يميز شركة المحمول.. وإن كنت إلي الآن لم أفهم بعد إلام تشير الخمسة (ساغ) للدقيقة! وعلي فكرة حسب معلوماتي هي (خمسة صاغ). وهناك أيضا ذكاء في إعلانات الشركة نفسها والخاصة بذهاب جزء من الدخل في رمضان لأعمال الخير.. وقد أعجبني هذا الإعلان جدا ووجدت ابنتي تعلق بما في ذهني تماما لأنها قد أعجبت بتوالي ظهور الوجوه المصرية علي الشاشة.. وهي فكرة بسيطة ولكنها عميقة ومؤثرة. تبقي إعلانات (بيبسي) و(كوكاكولا) والتي تتباري في استخدام الفنانين.. وقد تكرر استخدام نفس الفنان أو تغيره.. ومع احترامي لهم جميعا، مازلت أضحك كلما تذكرت الإعلانات التي قام بأدائها الفنان أحمد حلمي في رمضان الماضي وأذكر جيدا زجاجة البيبسي التي أنقذها ولكن عمل الخير لم ينفعه كثيرا ولم يتمكن من أخذها. أما حملة إعلانات الضرائب فقد كانت أخف ظلا في السنوات الماضية عنها هذا العام.. حيث كانت قد نجحت في بث الرعب في قلوب المشاهدين مصحوبا بالضحك والفكاهة.. وهناك أيضا حملة تنظيم الأسرة التي تعتمد علي مشاهد (أفواه وأرانب) وهي جيدة ولكن تنقصها روح الفكاهة.. وحملة سكك حديد مصر التي تعترف ضمنيا وقبليا بفشلها إذ يقول صوت المعلن أن الإعلان لن يغير السلوك السيئ بقوله (لأ طبعا)، ويطلب من المشاهد أن يغيره هو.. أي أن يقوم الركاب بتوجيه بعضهم البعض.. وهو ما يستدعي الدهشة!! أخيرا أعتقد أننا إلي الآن نستمتع بالإعلانات أكثر مما نستمتع بالمسلسلات.