بينما كانت مشاهد حديقة تلال الفساط الرائعة تمدنى بطاقة إيجابية وسعادة غامرة، وكلما تألقت القاهرة التاريخية بمنجز حضارى كلما أدركت قوة الفعل وسحره الغنى عن كل الأحاديث والتصريحات، إذ يأتى ذلك الإنجاز ليرد على كل شائعات الكراهية التى كانت تردد أن العاصمة الجديدة كانت بديلاً لترك القاهرة العاصمة فى مشاكلها والرحيل عنها، وهو ما يؤكد أن الأفعال هى صاحبة القدرة على تفكيك الطاقات السلبية. هذه الحديقة الجديدة هى تعبير عن إرادة سياسية فاعلة محبة لمصر، وتحسين وجه الحياة فيها. وإذ يبدو لى هذه المرة فن العمارة وتخطيط الحدائق كنوع من الأحلام الإبداعية تتجسد على أرض الواقع. أجدد مع د. مصطفى مدبولى رئيس الوزراء المصرى الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسى لإصراره على تفكيك العشوائيات الخطرة ليحل محلها العمران والحضارة والجمال. ولعل تلك المتعة فى الإبداع على أرض الواقع أكثر بكثير من المتعة التى نمارسها نحن الفنانون فى رسم مشاهد مجسدة للخيال، وفى هذا الإنجاز إرادة خيال سياسى مبدع علينا أن نبتهج له، ونعلن بهجتنا به ونشكر صاحب هذا الخيال المعمارى الحضارى الذى يليق بوجه مصر المشرق. ولعل ما يثير الخيال أيضًا ما أشار إليه د. مصطفى مدبولى عن تاريخ تلك التلال الثلاثة والتى هى تجمع قديم لحريق فى الفسطاط التاريخية. وربما منع الحس السياسى فى الخطاب العام رئيس الوزراء المصرى من ذكر ذلك الحريق الشهير الذى نتج عن تفكك الدولة قرب نهاية العصر الفاطمى، فقد حدث نتيجة الصراع على السلطة والمصالح الشخصية حريق هائل عام 564 ه / 1168م متعمد استمر لأكثر من خمسة وأربعين يومًا، ودمر الحريق الفسطاط تقريبًا إلا جامع عمرو بن العاص. وتلك الذكرى المؤلمة هى ذكرى ذات صلة بالحفائر الأثرية المهمة التى تحرص عيها الدولة المصرية بحثًا عن آثار مصر الإسلامية هناك. وأتذكر ذلك الحريق لأنه بالتضاد تظهر الأفكار والمشاهد الواقعية ودلالاتها، فمصر المعاصرة دولة مستقرة حول قائد يتيح حقًا حرية تتوقف عند إيذاء الآخرين، وحضور إنسانى يجمع حوله كل المصريين. ولعل الأحلام التى تحولت عبر اقتحام المشاكل التاريخية التراكمية لمصر لقرارات سياسية ضد استرضاء الجماهير وتدليلهم بل مواجهتهم بالحقائق واقتحام المشكلات بدأت تصبح هى الآن عبر تحقق العديد من الإنجازات على صعيد البناء والتحضير هى القادرة على استعادة الرضا الشعبى العام. ما يبقى حقًا هو الاعتراف العملى من الدولة المصرية بأن المصريين يحتاجون إلى فرص اقتصادية تمكنهم من الانسجام التام الذى بدأ به الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيسًا منتخبًا، وهو التفاف شعبى غير مسبوق. حقًا وفى ظل اقتصاد السوق يمكن لصغار التجار والحرفيين وغيرهم توفيق أوضاعهم مع المتغيرات الاقتصادية، أما هؤلاء الذين هم فى دولاب عمل الحكومية المصرية وأهلنا من كبار السن الذين منحوا مصر أعمارهم، فمن حقهم الاعتراف الواقعى بضرورة جعلهم فى منطقة آمنة واقعية تساهم فى خلق ذلك الانسجام العام وتمنح تلك الإنجازات أفراحًا إنسانية حقيقية بعودة مصر ووجها الحضارى. فما زلت من هؤلاء الذين يعتقدون أن استعادة ذلك الانسجام الشعبى والالتفاف الكبير فى مصر حول القائد الذى يحمل خلفية وخبرة عسكرية هو سر نهضة مصر فى كل تاريخها منذ مصر القديمة حتى الآن. شكرًا جزيلًا السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، شكرًا رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى، وكما يبهجنا تحقق الأحلام، فنحن ننتظر حقًا استعادة رضا الطبقة المتوسطة المصرية واستعادة الالتفاف الكبير حول قيادة مصر، كى ندخل حقًا فى مستقبل رائع كالأحلام الملونة، لتصبح مصر الكبيرة حديقة رائعة يملؤها أهلها بالأنس والسعادة.